أن الولد قد أخذ مستقره من بطن أمه، فقال: (رب أجعل لي آية قال آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا.. 41) 4 - وقال أبو علي الجبائي: لم يقل زكريا ذلك ردا على ربه وعلى ملائكته، ولكنه قال إقرارا بصحته واستعظاما لقدر النعمة به، إذ جاء على اليأس من الامر المطلوب، وكان خارجا عن العادة والتقدير. وهذه سبيل من كان آيسا من أمر يريده، ثم جاء من وجه كان يستبعد مجيئه منه، أن يقول: كيف كان هذا؟ وكيف وقع؟
وما أعجب ما اتفق!، فكان قول زكريا ما قاله على هذه الطريقة، لا إنكارا للقدرة ولا ذهابا مع عارض الشبهة.
ونحا أبو مسلم بن بحر هذا النحو وزاد فيه أن قال: إن من شأن من بشر بما كان يتمناه أن يولد له فرط السرور عند أول ما يهجم على سمعه ما يقتضيه، الاستئناف في المعرفة والزيادة في الاستبانة، ثم عند إنعام الفكر ومراجعة العقل يعلم أن الله على كل شئ قدير.
5 - وذكر أبو جعفر الطبري عن عكرمة والسدي: أنهما قالا في ذلك: (إن الملائكة لما نادت زكريا بالبشارة، اعترض ذلك النداء الشيطان، فوسوس إليه أن ما سمعه من غير جهة الملائكة وأنه من جهة الشيطان، ولو كان من الله تعالى لكان وحيا، فشك حينئذ وقال ما قاله).
وهذا القول جهل عظيم من قائله، وقلة بصيرة بمنازل الأنبياء (ع) وما يجوز عليهم مما لا يجوز، لأنهم عليهم السلام تجل أقدارهم عن تلاعب