علقت عن شيخنا أبي بكر محمد بن موسى الخوارزمي، عند قراءتي عليه مختصر أبي جعفر الطحاوي، وبلوغي إلى هذه المسألة من كتاب النكاح - الحجاج على الشافعي في جواز النكاح بشهادة رجل وامرأتين، وابطال تعلقه بقوله (ع): (لا نكاح إلا بشاهدين)، وذلك أن هذا القول يتناول الرجل والمرأتين، والدليل على ذلك قوله تعالى:
(واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان...) [2]، وتقدير الكلام فإن لم يكن الشاهدان رجلين فالشاهدان رجل وامرأتان. قال: ومما يؤكد ذلك أن أبا الحسن الأخفش قال في كتابه المعروف بالأوسط: (العرب تقول للمرأة: هذه شاهدي، وقد تقول: هذه شاهدتي)، فحكى: أن لغة العرب الفصحى تجري على المرأة اسم الشاهد، كما تجريه على الرجل، وأن الأفصح أن يقولوا: هذه شاهدي، دون أن يقولوا: هذه شاهدتي، لان قوله: (وقد تقول هذه شاهدتي) يدل على أن القول الأول هو الأكثر والثاني هو الأقل.
قلت أنا: وفي قولهم للمرأة: شاهدي، سر لطيف من لطائف أسرار لغة العرب، وهو أنهم أرادوا بذلك: تتميم نقيصة معناها باجراء صفة المذكر عليها، تشبيها لها به، وذهابا بها في طريقه، وتقريبا لها من معنى الرجل الذي هذا الاسم خاص له، ومقصور عليه، وكأن غرضهم في ذلك يلامح غرضهم في تسمية اللديغ سليما، والمهلكة