سبحانه أن يجعل ملك فارس والروم في أمته، فأنزل الله تعالى هذه الآية، وروي ذلك عن الحسن وقتادة.
4 - وقال بعضهم: أراد سبحانه بالملك هنا: ظهور الدين والغلبة، فقال: (تؤتي الملك من تشاء)، أي: ترزق بسطة اليد، وظهور الامر، الذين أتبعوا دينك وأطاعوا أمرك، فجعل الله ما في مملكة كل ملك من غير المسلمين ملكا للمسلمين، وجعلهم أحق بذلك من كل أهل ملة غير ملة الاسلام، فكان الملك في الحقيقة على هذا القول ملك المسلمين، وإن غلب الكفار على بعضه ودافعوهم عن نيله، والمسلمون أحق بحيازته، ولهم أن يطلبوه أبدا، حتى يظفروا به، كما يطالب المغصوب بما غصب منه، وينسب إليه ذلك الشئ وإن كان في يد غيره، فيقال: هذا ثوب فلان، وهذا مال فلان، وإن كان في قبضة الظالم، وخلف رتاج الغاصب.
فكأنه تعالى جعل الملك في حكمه وسنة نبيه لأهل دينه القائمين بأحكامه، والمقيمين على طاعة أنبيائه، كما جعل للذكر في حكمه مثل حظ الأنثيين، وكما جعل لولي المقتول في حكمه سلطانا على القاتل، وإن رد ذلك الجائرون، وأباه المعتدون، فأعطوا الأنثى مثل حظ الذكر، ولم يقضوا على القاتل بقصاص ولا قود، فالذين آتاهم الله الملك وأعزهم به هم المؤمنون، وإن غلبوا، والذين لم يجعل لهم حظا في الملك وأذلهم بذلك هم الجائرون المعتدون، وإن غلبوا، فعز الكافرين على المؤمنين ليس بعز في الدين، ولا غنم في عاقبة الأمور، لأنه يعود إذلالا