ويصير وبالا، وذل المؤمنين على أيدي الكافرين ليس بذل في الحقيقة، لأنه يؤول إلى العز اللازم والثواب الدائم، وكيف يسمى ذلك ذلا، وقد أمر الله سبحانه باعزاز أنبيائه السفرة بينه وبين عباده، وإن سطا عليهم الكفار، ونال منهم الأعداء؟!
وهذا القول يؤول إلى معنى الحكم، فكأنه سبحانه يحكم لمن أطاعه بالملك ويسميه به وينسبه إليه، ولا يحكم لمن عصاه بالملك ولا يسميه به ولا ينسبه إليه، وإن كان الطائع مستضاما مستذلا، وكان العاصي متسلطا متعززا به، كما قال سبحانه: [ومن دخله كان آمنا] (1)، فجعل ذلك حكما لا أمرا (جزما) (2)، ألا ترى أن كثيرا ممن لجأ إلى المسجد الحرام قد قتلوا فيه وأخيفوا مع المقام به!، ولو كان ذلك خبرا لكان يجب أن يكون مخبره على ما أخبره به، فلما رأينا الامر على خلاف ذلك في بعض الأحايين علمنا ذلك إنما قيل من طريق الحكم لا من طريق الخبر.
5 - وقال بعضهم: (تؤتى الملك من تشاء)، يريد تعالى:
ملك الجنة، يقول: تدخلها من أطاعك. [وتنزع الملك ممن تشاء]، أي: تحرمه دخول الجنة وتهينه بدخول النار، فلا شئ أذل منها ولا أشد هوانا من أهلها.
وهذا القول غير مرضي عندي، لان فيه استكراها وتعسفا: