وقد يكون معصية، فإن كان ذلك معصية فالشيطان زينه ودعا إليه، وإن كان ذلك طاعة أو مباحا (1)، فالله سبحانه زينه وأمر به المؤمنين (2)) ومن الدليل على ذلك أن الله سبحانه - كما قلنا في ما تقدم - قد ذم أهل الدنيا بميلهم إليها، وعابهم بحبهم لها، ولم يكن سبحانه ليزين شيئا عند المكلفين ويحببه إليهم، فإذا أحبوه لأمهم عليه وعيرهم به، فعلمنا بذلك أن تزيين ما ذمه وعابه من فعل غيره لا من فعله، ونعني بهذا: التزيين المذموم الذي هو ركوب المحارم، واحتقاب المآثم، فأما ما كان من القرب والطاعات وسائر المباحات، فهو على ما قال مما يجوز أن ينسب إلى تزيين الله تعالى، بمعنى: أنه جعله حسنا ولم يجعله قبيحا، ألا ترى إلى قوله تعالى من بعد هذه الآية: (قل أؤنبؤكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الأنهار...
الآية - 15)!، ولا يجوز أن يبعث الله تعالى على هذا الامر الذي هو خير من الأول وأفضل، وهو مع ذلك مزين للامر الأول لان تزيين الثاني يؤثر في تزيين الأول