أي: آتاه النبوة، فجعل الضمير في آتاه لإبراهيم عليه السلام، والأكثر على أن الضمير في آتاه للملك الذي حاج إبراهيم، والمعنى: أن ذلك الملك استطال على إبراهيم في المحاجة والدعوى الباطلة، بما أوتي من الملك والقدرة.
فان سأل سائل على قول من قال: إن الضمير في آتاه الله الملك للملك دون إبراهيم (ع)، فقال: كيف قال سبحانه: (آتاه الله الملك)، وهو ظالم طاغ، ومتجبر باغ؟!، فقد ذهب أبو علي وأبو القاسم البلخي إلى: أن الله سبحانه لا يجوز أن يعطي الفاسق حقيقة الملك، ولا ينوط به تدبير الخلق، لأنه سبحانه قال: (لا ينال عهدي الظالمين) [1]، والملك من أعظم العهود وأجل الأمور، لأنه يتضمن سياسة الأمة وحفظ الشريعة، ويتعلق بأوامر الله ونواهيه، وأحكامه وقضاياه، وذلك لا يؤمن عليه الفاسق ولا الكافر، ولا يجعل سبحانه الرعية مؤمنة والرعاة فسقة!.
فجوابه: أنه يجوز أن يراد بالملك ههنا إعطاء المال وتثمير الحال، وذلك مما يجوز أن يعطاه الفاسقون والظالمون، ألا ترى إلى قوله تعالى:
(وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا... الآية) [2]!، (وقد) [3] قال عامة المفسرين: إنه تعالى أراد بالملك ههنا: حسن الحال والاستكثار من المال، فبين: أنه سبحانه جعلهم ملوكا، وهم