حقائق التأويل - الشريف الرضي - الصفحة ٥٥
وإنما يصح قياس الفرع على الأصل، لعلة موجودة فيهما، فإذا لم توجد العلة في الأصل فالقياس مطرح فان قال: إذا قبحت الإرادة مع أنها تتبع المراد في الداعي، فالشهوة للقبيح - إذا كانت بنفسها داعية إليه - أولى بأن تكون قبيحة. قيل:
هذه دعوى كالدعوى الأولى، لا دليل على صحتها (1)، ألا ترى أنه إذا أراد القبيح من فعل الغير قبحت الإرادة، وإن لم يصح ما ذكرته فيها!
وحقيقة الشهوة: أنها كالقدرة، (2) (لان متعلقها بالقبيح، تردد الداعي بين الحسن والقبيح، فيصح التكليف، كما أن تعلق القدرة بالقبيح يصح اختياره على الحسن أو اختيار الحسن عليه، فيجب أن يكون

(1) أي: على صحة دعوى قبح الإرادة لتبعيتها للمراد في الداعي، لأنها إذا تعلقت بإرادة القبيح من فعل الغير، فهي قبيحة بلا ريب، مع أنها لم تتبع المراد في الداعي، لان المراد - وهو فعل القبيح من الغير - إنما صدر عنه بداعي الخوف أو الرجاء من المريد، فهذه الإرادة القبيحة لم تكن تابعة للمراد القبيح - وهو فعل الغير - في الداعي وهو خوفه ورجاؤه، فالإرادة لا يكون قبحها من هذه الجهة فلا يصح القياس ولا يتم القبح في الشهوة من جهته. هذا شرح كلام المؤلف، وفيه انظار تورد في محلها.
(2) هذه العبارة التي وضعناها بين قوسين من قوله: لان متعلقها...
إلى قوله: (حسنة)، كذا وجدناها في النسخ التي بأيدينا، ولا تخلو من قلق واضطراب، ولا نشك بوقوع التحريف فيها من النساخ وقد أثبتناها على علاتها، رجاء أن نظفر بصورتها الصحيحة في نسخة أخرى بعد ذلك فنتداركها وأن أمكننا الآن تغييرها ووضعها على وجه تصح به.
(٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 ... » »»
الفهرست