فالجواب: أن في هذه المسألة أقوالا: - ١ - أحدها، أن تكون شهادته تعالى بذلك، ليعلم عباده به، ويبينه لهم ويحققه عندهم، لان الشاهد إنما يعلم غيره الشئ المشهود به، ويحقق عنده صحته، وكذلك البينة، إنما سميت: بينة، لأنها تبين الحق، وتكشف اللبس، والشهادة في الأصل: طريق للعلم، ويوصف المؤدي بأنه شاهد، إذا كان أداؤه طريقا للعلم الحاصل لغيره. وأما شهادة الملائكة وأولي العلم، فهي أيضا إعلام لمن سواهم من الخلق: أن الله تعالى واحد، وأنه عادل، ليقروا بذلك، ويعلموا أن الله تعالى وملائكته وأولي العلم لا يشهدون إلا بالحق ولا يقولون غير الصدق، ومما يبين ما قلنا أنه خص سبحانه أولي العلم بهذه الشهادة، لأنهم الذين يعلمون الله على حقيقته، فيلزمهم تبيين ما علموه من ذلك لمن دونهم في طبقة العلم، لأنهم القدوة وبهم الأسوة، ألا ترى إلى قوله سبحانه:
﴿إنما يخشى الله من عباده العلماء﴾ (1)! وإنما خص العلماء بذلك، وإن كان غيرهم يخشى الله سبحانه، لأنهم أعرف به تعالى من غيرهم، فخشيتهم له على قدر معرفتهم به.
2 - وقال بعض العلماء: شهادة الله تعالى بأنه لا إله إلا هو إنما يراد بها، ما بني عليه الخلق من الحاجة إليه (والسكينة) (2) والخضوع له، وكل ضعيف وقوي، وفقير وغني، يدل من الوجه الذي ذكرناه، على توحيد الله تعالى.