٣ - وقال المؤرخ: (أراد تعالى بقوله: [شهد الله]:
قال الله - بلغة قيس عيلان -، لان الشهادة في الأصل هي:
قول مخصوص). وفي هذا القول نظر، لان في القرآن مواضع ذكرت فيها شهادة الله تعالى، ولا يجوز أن تحمل على أن المراد بها القول، لان الكلام يفسد على هذا التأويل، فمن ذلك قوله تعالى ﴿لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا﴾ (1)، فلا يصح أن يقال ههنا: إن المراد بذلك لكن الله يقول بما أنزل، لفساد المعنى.
4 - وقال بعضهم: معنى ذلك: شهد الله عند خلقه، بتدبيره العجيب، وصنعه اللطيف، وحكمته البالغة، وقدرته الباسطة: أنه لا إله إلا هو يدبر الامر ويصرف الخلق، وشهدت الملائكة، بذلك عند الرسل، بما أبانت لهم من الحجج النيرة والاعلام القاهرة، وشهد أولو العلم بذلك عند (سائر) (2) الخلق، بما أوضحوا لهم من البينات، وأظهروا من الدلائل والامارات.
5 - وقال بعضهم: معنى شهد الله: قضى الله أنه لا إله إلا هو ولن يخلو أن يكون قضى ههنا بمعنى: أعلم وبين، أو يكون بمعنى: حكم وألزم، فإن كان بمعنى: أعلم وبين، فهو بمعنى: شهد على ما ذكرناه، وقد جاء في التنزيل قضى بمعنى أعلم، في عدة مواضع: منها قوله تعالى، (وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض