قوله: (وإذا تتلى عليه آياتنا) قال: كنى عن فلان (قال أساطير الأولين) أي أكاذيب الأولين (سنسمه على الخرطوم) قال في الرجعة إذا رجع أمير المؤمنين عليه السلام ورجع أعداؤه فيسمهم بميسم معه كما توسم البهائم على الخرطوم والانف والشفتين قوله (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة إذ أقسموا) أي حلفوا (ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) فإنه كان سببها ما حدثني أبي عن إسحاق بن الهيثم عن علي بن الحسين العبدي عن سليمان الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس انه قيل له ان قوما من هذه الأمة يزعمون أن العبد قد يذنب فيحرم به الرزق، فقال ابن عباس: فوالذي لا إله غيره لهذا أنور في كتاب الله من الشمس الضاحية ذكره الله في سورة ن والقلم، انه كان شيخ كانت له جنة وكان لا يدخل بيته ثمرة منها ولا إلى منزله حتى يعطي كل ذي حق حقه، فلما قبض الشيخ وورثه بنوه وكان له خمسة من البنين فحملت جنتهم في تلك السنة التي هلك فيها أبوهم حملا لم يكن حملته قبل ذلك فراحوا الفتية إلى جنتهم بعد صلاة العصر، فأشرفوا على ثمرة ورزق فاضل لم يعاينوا مثله في حياة أبيهم فلما نظروا إلى الفضل طغوا وبغوا وقال بعضهم لبعض ان ابانا كان شيخا كبيرا قد ذهب عقله وخرف فهلموا نتعاهد ونتعاقد فيما بيننا ان لا نعطي أحدا من فقراء المسلمين في عامنا هذا شيئا حتى نستغني وتكثر أموالنا ثم نستأنف الصنعة فيما يستقبل من السنين المقبلة، فرضي بذلك منهم أربعة وسخط الخامس وهو الذي قال الله تعالى: " قال أوسطهم ألم أقل لكم لولا تسبحون ".
فقال الرجل: يا بن عباس كان أوسطهم في السن؟ فقال: لا بل كان أصغر القوم سنا وكان أكبرهم عقلا وأوسط القوم خير القوم، والدليل عليه في القرآن انكم يا أمة محمد أصغر الأمم وخير الأمم قال الله: " وكذلك جعلناكم أمة وسطا " فقال لهم أوسطهم اتقوا الله وكونوا على منهاج أبيكم تسلموا وتغنموا، فبطشوا