قوما منهم هربوا وتركوا البلاد فما زال الجرذ يقلع الحجر حتى خربوا ذلك السد فلم يشعروا حتى غشيهم السيل وخرب بلادهم وقلع أشجارهم وهو قوله: (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال - إلى قوله - سيل العرم) أي العظيم الشديد (فبدلناهم بجنتيهم جنتين ذواتي اكل خمط) وهو أم غيلان (وأثل) قال: هو نوع من الطرفا (وشئ من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا - إلى قوله - باركنا فيها) قال مكة.
وقوله: (ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين) قال فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
لما أمر الله نبيه ان ينصب أمير المؤمنين عليه السلام للناس في قوله " يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك في علي " بغدير خم فقال: (من كنت مولاه فعلي مولاه " فجاءت الأبالسة إلى إبليس الأكبر وحثوا التراب على رؤسهم فقال لهم إبليس ما لكم؟ فقالوا ان هذا الرجل قد عقد اليوم عقدة لا يحلها شئ إلى يوم القيامة، فقال لهم إبليس كلا ان الذين حوله قد وعدوني فيه عدة لن يخلفوني.
فأنزل الله على رسوله " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه الآية " وقوله (وما كان له عليهم من سلطان) كناية عن إبليس (إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شئ حفيظ) ثم قال عز وجل احتجاجا منه على عبدة الأوثان (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما) كناية عن السماوات والأرض (من شرك وما له منهم من ظهير) وقوله (ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) قال لا يشفع أحد من أنبياء الله ورسله يوم القيامة حتى يأذن الله له إلا رسول الله صلى الله عليه وآله فان الله قد أذن له في الشفاعة من قبل يوم القيامة، والشفاعة له وللأئمة من ولده، ثم بعد ذلك للأنبياء عليهم السلام.