تفسير القمي - علي بن إبراهيم القمي - ج ٢ - الصفحة ٢١٩
مثل المداين التي في الأرض مربوطة كل مدينة بعمود (إلى عمود ط) من نور طول ذلك العمود في السماء مسيرة مائتين وخمسين سنة (1) وقوله (وحفظا من كل شيطان مارد)
(١) لا يخفى أن هذا الخبر من أكبر البراهين على حقيقة الاسلام في عصر علوم متجددة وسعت نطاقها بين الذرة وذرى السماء حيث لم يدل على وجود العمران في السيارات فحسب، بل إنه دل على قانون التمايل والتجاذب بينها أيضا قال العلامة الشهرستاني (رحمه الله) في الهيئة والاسلام ص ٢٩٤:
" قوله: مربوطة بعمود من نور، قد يكون إشارة إلى تأثير جاذبية الشمس في حفظ نظام السيارات، واتصال حامل الجاذبية بالنجوم على نحو الخط العمودي - كما اتفق عليه الحكماء المتأخرون. وقوله في الرواية الأخرى:
" بعمودين من نور " يمكن أن يكون إشارة إلى ما تقرر أخيرا ان نظام السيارات تحفظه قوتان من الشمس بسبب التحرك الدوري. فلو انفردت الأولى في التأثير ولم تكافئها الثانية لهوت جملة السيارات في كورة الشمس، ولو انفردت الثانية ولم تكافئها الأولى لرميت النجوم إلى خارج نظام الشمس من الفضاء الوسيع وإنما استقرت السيارات في أفلاكها المعينة وانضبط نظامها بواسطة ارتباطها مع الشمس بعمودين وانقيادها بين جاذب ودافع ".
وكيف كان فقد ذهب حكماء العصر إلى عمران الكواكب وان اختلفت آراؤهم في كيفياته فلنقدم نبذة منها، ففي الهيئة والاسلام ص ٢٧٧:
" قال ميخائيل في مشهد الكائنات في المريخ: وفي جو هذا السيار غيوم وضباب من أبخرة ماء كما شوهد ذلك بالمنظر الطيفي ومن هذا استنتج الجوابة ان في المريخ أنهرا تجري فيها المياه المتساقطة من هذا البخار وأودية وجبالا ومجاري هوائية، فيكون جوها كجونا مركبا من مواد واحدة، وبرها كبرنا آهلا بخلائق تتمشى على سنن خلائق أرضنا.
وفي مجلة الهلال المصرية المجلد ١١ ص ٨٧: ان الأستاذ (هوف) الأمريكي ألقى خطابا من عهد قريب في اعتقاده ان المريخ والزهرة وعطارد آهلة بالناس وسائر الاحياء، وان سكانها أرقي من سكان الأرض بدنا وعقلا. قال: ولما كان المريخ أكبر سنا من الأرض وقد جمد وبرد قبل الأرض بأزمان فالانسان وجد فيه قبل وجوده في الأرض وارتقى أكثر من ارتقائه فيها.
وفي تقويم المؤيد لسنة ١٣١٩ ه ج لمحرره الفاضل محمود آفندي: المقرر الآن ان زهرة وعطارد نظرا لحداثة وجودهما بالنسبة إلى أرضنا غير قابلتين للسكنى، ولو وجد فيهما فهم كسكان الأرض قبل خلق الانسان.
وقال الكاتب (برناردن) ان سكان الزهرة يشبهون سكان الأرض وبعض رعاة الأغنام والماشية على قمم الجبال، والبعض الآخر يقيمون على ضفاف الأنهار إذ يقضون أوقاتهم في الرقص ومد الموائد والتغني والتسابق في السباحة، وقال فونتنل عن سكان عطارد: إنهم يسكنون أصغر المنازل لصغر أجسامهم، وانهم لشدة حر الشمس مصابون بالجنون.
وقال آخر في كتابه المطبوع سنة ١٧٥٠ بعنوان (سياحة عطارد) ان العطارديين كالملائكة لهم أجنحة يطيرون بها في الجو وان جسومهم أصغر من جسومنا. إلى غير ذلك من الأقاويل المختلفة والآراء المتشتة، ولا شك في أن هذه الاستكشافات نتيجة غوص علمائهم في بحور مطالعة الكون اعقابا، وهيامهم حول أسرارها أحقابا وبعد اللتيا والتي لم يفيدوا إلا ظنا وتخمينا، ولم تبلغ اجتهاداتهم حتما يقينا كما اطلعت عليه من كلماتهم ذكرناها آنفا.
وكيف لا تطأطأ رؤس المخلوقين لمن أخبر قبل الف عام وأزيد بخبر يقين لا عن ظن وتخمين بأن هناك سكانا وعمرانا وهم أعلى منا شرفا ومكانا.
ففي تفسير البرهان للسيد هاشم البحراني عن أبي جعفر عليه السلام قال: من وراء شمسكم هذه أربعون عين شمس ما بين عين شمس إلى عين شمس أربعون عاما، فيها خلق كثير ما يعلمون ان الله خلق آدم أو لم يخلقه.
وفيه وفي البحار والكافي وبصائر الدرجات والأنوار النعمانية للسيد الجزائري عن عجلان بن أبي صالح قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قبة آدم، فقلت له هذه قبة آدم؟ فقال نعم، ولله عز وجل قباب كثيرة، اما ان لله لخلف مغربكم هذه تسعة وتسعون مغربا أرضا بيضاء مملوءة خلقا يستضيئون بنورها، لم يعصوا الله طرفة عين. فهذا بيان كثرة الأراضي في الفضاء وامتلاء الكل خلقا كما يراه جملة المتأخرين، والضمير في " بنورها " راجع إلى الشمس.
وفي كتاب (فلك السعادة) للفاضل اعتضاد السلطنة ابن الخاقان فتح علي شاه قاجار قال ما معناه: إني عرضت هذا الخبر على بعض حكماء أوروبا فقال - بعد استغرابه -: لو كنت على يقين من صدور هذا الكلام من وصي نبيكم لآمنت به وأسلمت. ج. ز