به فضربوه ضربا مبرحا فلما أيقن الأخ انهم يريدون قتله دخل معهم في مشورتهم كارها لأمرهم غير طائع فراحوا إلى منازلهم ثم حلفوا بالله ان يصرموه إذا أصبحوا ولو يقولوا إن شاء الله، فابتلاهم الله بذلك الذنب وحال بينهم وبين ذلك الرزق الذي كانوا أشرفوا عليه فأخبر عنهم في الكتاب فقال: (إنا بلوناهم - إلى قوله - فأصبحت كالصريم) قال كالمحترق، فقال الرجل: يا بن عباس ما الصريم؟ قال:
الليل المظلم ثم قال: لا ضوء له ولا نور فلما أصبح القوم (تنادوا مصبحين ان اغدوا على حرثكم ان كنتم صارمين) قال: (فانطلقوا وهم يتخافتون) قال الرجل وما التخافت يا بن عباس؟ قال: يتسارون بعضهم بعضا لكي لا يسمع أحد غيرهم فقالوا (لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين) وفي أنفسهم ان يصرموها ولا يعلمون ما قد حل بهم من سطوات الله ونقمته (فلما رأوها) وعاينوا ما قد حل بهم (قالوا أإنا لضالون بل نحن محرومون) فحرمهم الله ذلك الرزق بذنب كان منهم ولم يظلمهم شيئا فقال أوسطهم: (ألم أقل لكم لولا تسبحون قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون) قال: يلومون أنفسهم فيما عزموا عليه (قالوا يا ويلنا إنا كنا طاغين عسى ربنا ان يبدلنا خيرا منها إنا إلى ربنا راغبون) فقال الله: (كذلك العذاب ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون) وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) في قوله (وانك لعلى خلق عظيم) يقول على دين عظيم (إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة) ان أهل مكة ابتلوا بالجوع كما ابتلى أصحاب الجنة وهي الجنة التي كانت في الدنيا وكانت في اليمن يقال لها الرضوان على تسعة أميال من صنعاء قوله: (فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون) وهو العذاب قوله: (إنا لضالون) قال: أخطأوا الطريق قوله: (لولا تسبحون) يقول لولا تستغفرون.
وقال علي بن إبراهيم في قوله (سلهم أيهم بذلك زعيم) أي كفيل قوله