عباده وإلا ليلزم الانفكاك بين الغاية والمغيى فهم غرض الخلق وغرض خلقهم ذات الحق وان شئت فقل ان الله لم يخلق الخلق، إلا للعبادة ولا يعبد إلا بعد المعرفة وهي إنما تحصل بقبول الايمان بالله كما هو، وهو موقوف على الاقرار بالرسول المخبر عن الله، وهو موقوف على الاقرار بالامام المخبر عن الرسول فعلى الله ان يرشد إليه ويدل عليه فلا بعد ان ينزل القرآن فيهم ولهم.
(الثالث) ان الله تعالى كان عالما باعمال أمة نبيه صلى الله عليه وآله بعد وفاته صلى الله عليه وآله بأنهم يلعبون بالدين ويهتكون بنواميس حماته في كل حين، كما ظهر من شنائع بني أمية وبني العباس وقد نبأ به النبي الصادق كما في صحيحي البخاري ومسلم فقال صلى الله عليه وآله: لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه، قالوا يا رسول الله اليهود والنصارى؟
قال فمن؟ (1) وكما في الاحتجاج عن أمير المؤمنين عليه السلام في قوله تعالى " لتركبن طبقا عن طبق " اي لتسلكن سبل من كان قبلكم من الأمم في الغدر بالأوصياء بعد الأنبياء، وفي هذا المعنى روايات كثيرة من الفريقين فحينئذ لم يؤمن منهم ان لا يبقوا أسامي الأئمة أو فضائلهم في القرآن فلذا لم يكن بد إلا يبينها الله تعالى بالكناية والاستعارة كما هو دأب القرآن وأسلوبه في أكثر آياته فان له ظاهرا يتعلق بشئ وباطنا بشئ آخر، روى العياشي وغيره عن جابر قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن شئ من تفسير القرآن فأجابني، ثم سألت ثانيا فأجابني بجواب آخر، فقلت جعلت فداك كنت أجبت في هذه المسألة بجواب غير هذا قبل اليوم! فقال لي يا جابر ان للقرآن بطنا وللبطن بطنا وظهرا وللظهر ظهرا، يا جابر وليس شئ أبعد من عقول الرجال من تفسير القرآن ان الآية لتكون أولها في