إلى صخرة وعليها ماء السماء فذقته فإذا هو عذب بارد، فقلت لا اشربه حتى يشربه حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله: " يا أبا ذر أرحمك الله تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك، وتدخل الجنة وحدك، يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك والصلاة عليك ودفنك " فلما سير به عثمان إلى الربذة فمات بها ابنه ذر، فوقف على قبره فقال رحمك الله يا ذر لقد كنت كريم الخلق بارا بالوالدين وما علي في موتك من غضاضة وما بي إلى غير الله من حاجة، وقد شغلني الاهتمام لك عن الاغتمام بك، ولولا هول المطلع لأحببت ان أكون مكانك، فليت شعري ما قالوا لك وما قلت لهم، ثم رفع يده فقال: اللهم انك فرضت لك عليه حقوقا وفرضت لي عليه حقوقا فاني قد وهبت له ما فرضت لي عليه من حقوقي فهب له ما فرضت عليه من حقوقك فإنك أولى بالحق وأكرم مني.
وكانت لأبي ذر غنيمات يعيش هو وعياله منها فأصابها داء يقال له النقار (1)، فماتت كلها فأصاب أبا ذر وابنته الجوع فماتت أهله، فقالت ابنته أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا فقال لي أبي يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت وهو نبت له حب فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا فجمع أبي رملا ووضع رأسه عليه ورأيت عينه قد انقلبت، فبكيت وقلت له يا أبت كيف اصنع بك وانا وحيدة؟ فقال يا بنتي لا تخافي فاني إذا مت جاءك من أهل العراق من يكفيك أمري، فإنه أخبرني حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله في غزوة تبوك. فقال يا أبا ذر تعيش وحدك وتموت وحدك وتبعث وحدك وتدخل الجنة وحدك يسعد بك أقوام من أهل العراق يتولون غسلك وتجهيزك ودفنك فإذا انا مت فمدي الكساء على وجهي ثم اقعدي على طريق العراق فإذا اقبل ركب فقومي إليهم وقولي هذا أبو ذر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله قد توفي، قال فدخل إليه قوم من أهل الربذة فقالوا يا أبا ذر ما تشتكي؟ قال ذنوبي قالوا فما تشتهي؟ قال رحمة ربي قالوا فهل لك