الثالث قال لهم صالح عليه السلام قد طال هذا الامر فقالوا له سل من شئت، فدنا إلى أكبر صنم لهم، فقال ما اسمك؟ فلم يجبه، فقال لهم ما له لا يجيبني؟ قالوا له تنح عنه فتنحى عنه واقبلوا إليه ووضعوا على رؤوسهم التراب وضجوا وقالوا فضحتنا ونكست رؤوسنا وقال صالح قد ذهب النهار، فقالوا سله فدنا منه فكلمه فلم يجبه فبكوا وتضرعوا حتى فعلوا ذلك ثلاث مرات فلم يجبهم بشئ، فقالوا ان هذا لا يجيبك ولكنا نسأل إلهك، فقال لهم سلوا ما شئتم فقالوا سله ان يخرج لنا من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء عشراء اي حاملة تضرب بمنكبيها طرفي الجبلين وتلقى فصيلها من ساعتها وتدر لبنها، فقال صالح ان الذي سألتموني عندي عظيم وعند الله هين، فقام وصلي ركعتين ثم سجد وتضرع إلى الله فما رفع رأسه حتى تصدع الجبل وسمعوا له دويا شديدا ففزعوا منه وكادوا ان يموتوا منه فطلع رأس الناقة وهي تجتر فلما خرجت القت فصيلها ودرت لبنها فبهتوا وقالوا قد علمنا يا صالح ان ربك أعز واقدر من آلهتنا التي نعبدها.
وكان لقريتهم ماء وهي الحجر التي ذكرها الله تعالى في كتابه وهو قوله " كذب أصحاب الحجر المرسلين " فقال لهم صالح لهذه الناقة شرب اي تشرب ماءكم يوما وتدر لبنها عليكم يوما وهو قوله عز وجل " لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب يوم عظيم " فكانت تشرب ماءهم يوما وإذا كان من الغد وقفت وسط قريتهم فلا يبقى في القرية أحد إلا حلب منها حاجته وكان فيهم تسعة من رؤسائهم كما ذكر الله في سورة النمل " وكان في المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون " فعقروا الناقة ورموها حتى قتلوها وقتلوا الفصيل فلما عقروا الناقة قالوا لصالح " ائتنا بما تعدنا ان كنت من المرسلين " قال صالح (تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب)