التفسير والتأويل كما قال أبو عبد الله الحسين عليه السلام قدام جمهور من الناس حين خروجه من المدينة " نحن أهل البيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة " (1) فالقرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق وان ظاهره وإن كان مخصوصا بفرد خاص أو زمان خاص لكن باطنه ينطبق على كل من كان اهلا له إلى يوم القيامة ومن هنا قال أبو جعفر عليه السلام: ان القرآن نزل أثلاثا: ثلث فينا وفي أحبائنا وثلث في أعدائنا وعدو من كان قبلنا وثلث سنة ومثل، ولو أن الآية إذا نزلت في قوم ثم مات أولئك ماتت الآية لما بقي من القرآن شئ، ولكن القرآن يجرى على آخره ما دامت السماوات والأرض (2).
ومن هنا علم سر ذكر الأمم السابقة كآل فرعون ونمرود، وأمة موسى وهود، وقصص النصارى واليهود، وتكرير اعمالهم القبيحة وأطوارهم الشنيعة مع أن الله تعالى ستار العيوب وغفار الذنوب فلا حكمة في نشر فضائحهم وذكر شنائعهم بعد ما حقت عليهم كلمة العقاب وتمت فيهم مواعيد العذاب، فليس المقصود منه إلا اعتبار المعتبرين وتنبيه من لحقهم من الفاسقين الذين شابهوهم بسوء اعمالهم ولهذا عبر عن بعضهم في لسان النبي صلى الله عليه وآله بيهود هذه الأمة ومجوسها.
فانكشف مما ذكرنا ان كل ما ورد في القرآن من المدح كناية وصراحة فهو راجع إلى محمد وآله الطاهرين، وكل ما ورد فيه من القدح كذلك فهو لأعدائهم أجمعين السابقين منهم واللاحقين ويحمل عليه جميع الآيات من هذا القبيل وإن كان خلافا للظاهر لان أسلوب البيان وحفظه عن النقصان يقتضي الكناية وهي أبلغ من التصريح والطف، فلا مشاحة فيها بعد ورود دليل قاطع من العقل