وقوله (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها) يعني بني إسرائيل لما أهلك الله فرعون ورثوا الأرض وما كان لفرعون، وقوله (وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا) يعني الرحمة بموسى تمت لهم (ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون) يعني المصانع والعريش والقصور، واما قوله (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فاتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) فإنه لما غرق الله فرعون وأصحابه وعبر موسى وأصحابه البحر نظر أصحاب موسى إلى قوم يعكفون على أصنام لهم، فقالوا لموسى (يا موسى اجعل لنا آلها كما لهم آلهة) فقال موسى (انكم قوم تجهلون، ان هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون، قال أغير الله أبغيكم إلها وهو فضلكم على العالمين وإذا أنجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يقتلون أبناءكم ويستحيون نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم) وهو محكم، واما قوله (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة) فان الله عز وجل أوحى إلى موسى اني انزل عليك التوراة التي فيها الاحكام إلى أربعين يوما وهو ذو القعدة وعشرة من ذي الحجة، فقال موسى لأصحابه ان الله تبارك وتعالى قد وعدني ان ينزل على التوراة والألواح إلى ثلاثين يوما، وأمره الله ان لا يقول إلى أربعين يوما فتضيق صدورهم، فذهب موسى إلى الميقات واستخلف هارون على بني إسرائيل فلما جاوز الثلاثون يوما ولم يرجع موسى، غضبوا فأرادوا ان يقتلوا هارون وقالوا ان موسى كذبنا وهرب منا واتخذوا العجل واعبدوه، فلما كان يوم عشرة من ذي الحجة انزل الله على موسى الألواح وما يحتاجون إليه من الاحكام والاخبار والسنن والقصص، فلما انزل الله عليه التوراة وكلمه (قال ربى أرني انظر إليك) فأوحى الله (لن تراني) اي لا تقدر على ذلك (ولكن انظر إلى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني)
(٢٣٩)