قوله: " صلاح ذات البين " أخذه هذه اللفظة عبد الملك بن مروان فقال لبنيه وقد جمعوا عنده يوم موته:
انفوا الضغائن بينكم وعليكم * عند المغيب وفى حضور المشهد بصلاح ذات البين طول حياتكم * إن مد في عمري وإن لم يمدد إن القداح إذا اجتمعن فرامها * بالكسر ذو بطش شديد أيد عزت فلم تكسر، وإن هي بددت * فالوهن والتكسير للمتبدد وذات هاهنا زائدة مقحمة.
قوله: " فلا تغبوا أفواههم "، أي لا تجيعوهم بأن تطعموهم غبا، ومن روى: فلا تغيروا أفواههم " فذاك لان الجائع يتغير فمه، قال (عليه السلام): " لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ".
قال: " ولا يضيعوا بحضرتكم " أي لا تضيعوهم، فالنهي في الظاهر للأيتام وفي المعنى للأوصياء والأولياء، والظاهر أنه لا يعنى الأيتام الذين لهم مال تحت أيدي أوصيائهم، لان أولئك الأوصياء محرم عليهم ان يصيبوا من أموال اليتامى إلا القدر النزر جدا عند الضرورة ثم يقضونه مع التمكن، ومن هذه حاله لا يحسن أن يقال له لا تغيروا أفواه أيتامكم، وإنما الأظهر انه يعنى الذين مات آباؤهم وهم فقراء يتعين مواساتهم ويقبح القعود عنهم، كما قال تعالى: ﴿ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا﴾ (1)، واليتم في الناس من قبل الأب، وفي البهائم من قبل الام لان الاباء من البهائم لا عناية لهم بالأولاد بل العناية للام لأنها المرضعة المشفقة وأما الناس فإن الأب هو الكافل القيم بنفقة الولد، فإذا مات وصل الضرر إليه لفقد كافله والام بمعزل عن ذلك. وجمع يتيم على أيتام كما قالوا: شريف وأشراف. وحكى أبو علي في التكملة: " كمئ وأكماء ". ولا يسمى الصبي يتيما الا إذا .