وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤنة في الرخاء، وأقل معونة له في البلاء وأكره للإنصاف، وأسأل بالإلحاف وأقل شكرا عند الاعطاء، وأبطأ عذرا عند المنع، وأضعف صبرا عند ملمات الدهر، من أهل الخاصة، وإنما عمود الدين، وجماع المسلمين، والعدة للأعداء العامة من الأمة فليكن صغوك لهم، وميلك معهم.
* * * الشرح:
قال له أنصف الله أي قم له بما فرض عليك من العبادة والواجبات العقلية و السمعية.
ثم قال: وأنصف الناس من نفسك ومن ولدك وخاصة أهلك ومن تحبه وتميل إليه من رعيتك، فمتى لم تفعل ذلك كنت ظالما.
ثم نهاه عن الظلم، وأكد الوصاية عليه في ذلك.
ثم عرفه أن قانون الامارة الاجتهاد في رضا العامة، فإنه لا مبالاة بسخط خاصة الأمير مع رضا العامة، فأما إذا سخطت العامة لم ينفعه رضا الخاصة، وذلك مثل أن يكون في البلد عشرة أو عشرون من أغنيائه، وذوي الثروة من أهله، يلازمون الوالي ويخدمونه ويسامرونه، وقد صار كالصديق لهم، فإن هؤلاء ومن ضارعهم من حواشي الوالي وأرباب الشفاعات والقربات عنده لا يغنون عنه شيئا عند تنكر العامة له، وكذاك لا يضر سخط هؤلاء إذا رضيت العامة، وذلك لان هؤلاء عنهم غنى، ولهم بدل، والعامة لا غنى عنهم ولا بدل منهم، ولأنهم إذا شغبوا عليه كانوا كالبحر إذا هاج واضطرب، فلا يقاومه أحد وليس الخاصة كذلك.