الذين صرفوها عنه بادئ بدء فليتني أراكم بعدي يا عبد الله! إن الحرص محرمة، وإن دنياك كظلك كلما هممت به ازداد عنك بعدا.
نقلت هذا الخبر من (أمالي أبى جعفر محمد بن حبيب) رحمه الله.
ونقلت منه أيضا ما رواه عن ابن عباس، قال: تبرم عمر بالخلافة في آخر أيامه، وخاف العجز، وضجر من سياسة الرعية، فكان لا يزال يدعو الله بأن يتوفاه، فقال لكعب الأحبار يوما وانا عنده: إني قد أحببت أن أعهد إلى من يقوم بهذا الامر وأظن وفاتي قد دنت، فما تقول في علي؟ أشر على في رأيك وأذكرني ما تجدونه عندكم، فإنكم تزعمون أن أمرنا هذا مسطور في كتبكم، فقال: أما من طريق الرأي فإنه لا يصلح، إنه رجل متين الدين، لا يغضي على عورة ولا يحلم عن زلة ولا يعمل باجتهاد رأيه وليس هذا من سياسة الرعية في شئ وأما ما نجده في كتبنا فنجده لا يلي الامر ولا ولده، وإن وليه كان هرج شديد، قال: كيف ذاك؟ قال: لأنه أراق الدماء، فحرمه الله الملك. إن داود لما أراد أن يبنى حيطان بيت المقدس أوحى الله إليه إنك لا تبنيه لأنك أرقت الدماء وإنما يبنيه سليمان، فقال عمر: أليس بحق أراقها؟
، قال كعب: وداود بحق أراقها يا أمير المؤمنين، قال: فإلى من يفضي الامر تجدونه عندكم؟ قال: نجده ينتقل بعد صاحب الشريعة والاثنين من أصحابه، إلى أعدائه الذين حاربهم وحاربوه، وحاربهم على الدين. فاسترجع عمر مرارا، وقال أتستمع يا بن عباس! أما والله لقد سمعت من رسول الله ما يشابه هذا، سمعته يقول: ليصعدن بنو أمية على منبري، ولقد أريتهم في منامي ينزون عليه نزو القردة " وفيهم أنزل ﴿وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن﴾ (1)