وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام في " غريب الحديث " ان رجلا أتى عمر يسأله ويشكو إليه الفقر، فقال: هلكت يا أمير المؤمنين فقال: أهلكت وأنت تنث نثيث الحميت (1) اعطوه. فاعطوه ربعة (2) من مال الصدقة، تبعها ظئراها. ثم أنشأ يحدث عن نفسه، فقال: لقد رأيتني وأختا لي نرعى على أبوينا ناضحا (3) لنا، قد ألبستنا أمنا نقبتها (4) وزودتنا يمنتيها هبيدا (5) فنخرج بناضحنا، فإذا طلعت الشمس، ألقيت النقبة إلى أختي، وخرجت أسعى عريان، فنرجع إلى امنا، وقد جعلت لنا لفيتة (6) من ذلك الهبيد، فيا خصباه.
* * * وروى ابن عباس رضي الله عنه، قال: دخلت على عمر في أول خلافته وقد ألقى له صاع من تمر على خصفة (7) فدعاني إلى الاكل، فأكلت تمرة واحدة واقبل يأكل حتى أتى عليه، ثم شرب من جر (8) كان عنده واستلقى على مرفقة له وطفق يحمد الله يكرر ذلك، ثم قال: من أين جئت يا عبد الله؟ قلت: من المسجد، قال: كيف خلفت ابن عمك؟ فظننته يعنى عبد الله بن جعفر قلت: خلفته يلعب مع أترابه، قال: لم اعن ذلك، إنما عنيت عظيمكم أهل البيت قلت: خلفته يمتح بالغرب (9) على نخيلات من فلان وهو يقرأ القرآن قال: يا عبد الله عليك دماء البدن إن كتمتنيها! هل بقي في نفسه