شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٩
بقوله: (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا)، وإنما ذلك الهدى، اما تسمعه يقول: ﴿هو خير مما يجمعون﴾ (1) وهذا مما يجمعون.
* * * وروى الأحنف بن قيس قال: قدمنا على عمر بفتح عظيم نبشره به، فقال: أين نزلتم؟ قلنا: في مكان كذا، فقام معنا حتى انتهينا إلى مناخ ركابنا وقد أضعفها الكلال وجهدها السير، فقال هلا اتقيتم الله في ركابكم هذه؟ اما علمتم ان لها عليكم حقا! هلا أرحتموها؟ هلا حللتم بها فأكلت من نبات الأرض؟ فقلنا: يا أمير المؤمنين، إنا قدمنا بفتح عظيم، فأحببنا التسرع إليك والى المسلمين بما يسرهم.
فانصرف راجعا ونحن معه فأتى رجل فقال يا أمير المؤمنين ان فلانا ظلمني فاعدني (2) عليه فرفع في السماء درته، وضرب بها رأسه، وقال: تدعون عمر وهو معرض لكم حتى إذا شغل في أمر المسلمين أتيتموه: أعدني أعدني! فانصرف الرجل يتذمر فقال عمر: على بالرجل، فجئ به فألقى إليه المخفقة (3)، فقال: اقتص، قال: بل ادعه لله ولك، قال: ليس كذلك، بل تدعه اما لله وإرادة ما عنده، وإما تدعه لي، قال: أدعه لله، قال: انصرف ثم جاء حتى دخل منزله ونحن معه، فصلى ركعتين خفيفتين ثم جلس فقال: يا بن الخطاب، كنت وضيعا فرفعك الله، وكنت ضالا فهداك الله، وكنت ذليلا فأعزك الله، ثم حملك على رقاب الناس، فجاء رجل يستعديك على من ظلمه.
فضربته، ماذا تقول لربك غدا! فجعل يعاتب نفسه معاتبة ظننت انه من خير أهل الأرض.

(١) سورة يونس ٥٨ (2) أعدني عليه: انصرني وأعنى.
(3) المخففة: الدرد يضرب بها.
(١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281