من ورائهم ولا تكلفهم فوق طاقتهم إذا أدوا ما عليهم للمسلمين طوعا أو عن يد وهم صاغرون.
وأوصيك بتقوى الله وشدة الحذر منه ومخافة مقته أن يطلع منك على ريبة وأوصيك أن تخشى الله في الناس ولا تخشى الناس في الله وأوصيك بالعدل في الرعية والتفرغ لحوائجهم وثغورهم والا تعين غنيهم على فقيرهم فان في ذلك بإذن الله سلامة لقلبك وحطا لذنوبك وخيرا في عاقبة امرك وأوصيك أن تشتد في أمر الله وفي حدوده والزجر عن معاصيه على قريب الناس وبعيدهم ولا تأخذك الرأفة والرحمة في أحد منهم حتى تنتهك منه مثل جرمه واجعل الناس عندك سواء لا تبال على من وجب الحق لا تأخذك في الله لومة لائم وإياك والإثرة والمحاباة فيما ولاك الله مما أفاء الله على المسلمين فتجور وتظلم وتحرم نفسك من ذلك ما قد وسعه الله عليك فإنك في منزلة من منازل الدنيا وأنت إلى الآخرة جد قريب فان صدقت في دنياك عفه وعدلا فيما بسط لك اقترفت رضوانا وايمانا وإن غلبك الهوى اقترفت فيه سخط الله ومقته.
وأوصيك الا ترخص لنفسك ولا لغيرك في ظلم أهل الذمة.
واعلم انى قد أوصيتك وخصصتك ونصحت لك ابتغى بذلك وجه الله والدار الآخرة ودللتك على ما كنت دالا عليه نفسي فان عملت بالذي وعظتك وانتهيت إلى الذي أمرتك اخذت منه نصيبا وافرا وحظا وافيا وإن لم تقبل ذلك ولم تعمل ولم تترك معاظم الأمور عند الذي يرضى الله به سبحانه عنك يكن ذاك بك انتقاصا ويكن رأيك فيه مدخولا فالأهواء مشتركة ورأس الخطيئة إبليس الداعي إلى كل هلكة قد أضل القرون السالفة قبلك وأوردهم النار ولبئس الثمن أن يكون حظ امرئ من دنياه موالاة عدو الله الداعي إلى معاصيه اركب الحق وخض إليه الغمرات وكن واعظا لنفسك.