شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٦
من ورائهم ولا تكلفهم فوق طاقتهم إذا أدوا ما عليهم للمسلمين طوعا أو عن يد وهم صاغرون.
وأوصيك بتقوى الله وشدة الحذر منه ومخافة مقته أن يطلع منك على ريبة وأوصيك أن تخشى الله في الناس ولا تخشى الناس في الله وأوصيك بالعدل في الرعية والتفرغ لحوائجهم وثغورهم والا تعين غنيهم على فقيرهم فان في ذلك بإذن الله سلامة لقلبك وحطا لذنوبك وخيرا في عاقبة امرك وأوصيك أن تشتد في أمر الله وفي حدوده والزجر عن معاصيه على قريب الناس وبعيدهم ولا تأخذك الرأفة والرحمة في أحد منهم حتى تنتهك منه مثل جرمه واجعل الناس عندك سواء لا تبال على من وجب الحق لا تأخذك في الله لومة لائم وإياك والإثرة والمحاباة فيما ولاك الله مما أفاء الله على المسلمين فتجور وتظلم وتحرم نفسك من ذلك ما قد وسعه الله عليك فإنك في منزلة من منازل الدنيا وأنت إلى الآخرة جد قريب فان صدقت في دنياك عفه وعدلا فيما بسط لك اقترفت رضوانا وايمانا وإن غلبك الهوى اقترفت فيه سخط الله ومقته.
وأوصيك الا ترخص لنفسك ولا لغيرك في ظلم أهل الذمة.
واعلم انى قد أوصيتك وخصصتك ونصحت لك ابتغى بذلك وجه الله والدار الآخرة ودللتك على ما كنت دالا عليه نفسي فان عملت بالذي وعظتك وانتهيت إلى الذي أمرتك اخذت منه نصيبا وافرا وحظا وافيا وإن لم تقبل ذلك ولم تعمل ولم تترك معاظم الأمور عند الذي يرضى الله به سبحانه عنك يكن ذاك بك انتقاصا ويكن رأيك فيه مدخولا فالأهواء مشتركة ورأس الخطيئة إبليس الداعي إلى كل هلكة قد أضل القرون السالفة قبلك وأوردهم النار ولبئس الثمن أن يكون حظ امرئ من دنياه موالاة عدو الله الداعي إلى معاصيه اركب الحق وخض إليه الغمرات وكن واعظا لنفسك.
(١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281