شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٩٢
قال أما ما ذكرت من صحبة رسول الله صلى الله عليه وآله وأبى بكر فذلك مما من الله به على وأما ما ترى من جزعي فوالله لو أن لي بما في الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله قبل أن أراه - وفى رواية لافتديت به من هول المطلع. وفى رواية المغرور من غررتموه!
لو أن لي ما على ظهرها من صفراء وبيضاء لافتديت به من هول المطلع وفي رواية: في الامارة على تثنى يا بن عباس! قلت: وفى غيرها، قال: والذي نفسي بيده لوددت أنى خرجت منها كما دخلت فيها لا حرج ولا وزر وفى رواية لو كان لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من كرب ساعة - يعنى الموت - كيف ولم أرد الناس بعد! وفى رواية لو أن لي الدنيا وما فيها لافتديت به من هول ما أمامي قبل أن أعلم ما الخبر.
قال ابن عباس فسمعنا صوت أم كلثوم وا عمراه! وكان معها نسوة يبكين فارتج البيت بكاء فقال عمر: ويلم عمر إن الله لم يغفر له! فقلت: والله إني لأرجو ألا تراها إلا مقدار ما قال الله تعالى ﴿وإن منكم إلا واردها﴾ (1) إن كنت - ما علمنا - لأمير المؤمنين وسيد المسلمين تقضى بالكتاب وتقسم بالسوية.
فأعجبه قولي فاستوى جالسا فقال أتشهد لي بهذا يا بن عباس؟ فكععت - أي جبنت - فضرب علي عليه السلام بين كتفي وقال: أشهد وفي رواية لم تجزع يا أمير المؤمنين؟ فوالله لقد كان إسلامك عزا وإمارتك فتحا ولقد ملأت الأرض عدلا فقال: أتشهد لي بذلك يا بن عباس؟ قال: فكأنه كره الشهادة فتوقف فقال له علي عليه السلام قل: نعم، وأنا معك، فقال: نعم.
وفى رواية أنه قال: مسست جلده وهو ملقى فقلت: جلد لا تمسه النار أبدا فنظر إلى نظرة جعلت أرثى له منها، قال: وما علمك بذلك؟ قلت: صحبت رسول الله صلى الله عليه وآله فأحسنت صحبته... الحديث، فقال: لو أن لي ما في الأرض لافتديت

(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281