حتى قال له أبو بكر: إن الله وعده بذلك وسيفعله وتلا عليه ما تلا فأيقن عند ذلك بموته وإنما ظن أن موته يتأخر عن ذلك الوقت لا أنه منع من موته.
ثم سأل (1) قاضى القضاة نفسه فقال: فإن قيل: فلم قال لأبي بكر عند قراءة الآية:
كأني لم أسمعها ووصف نفسه بأنه أيقن بالوفاة!.
وأجاب بأن قال: لما كان الوجه في ظنه ما أزال أبو بكر الشبهة فيه جاز أن يتيقن ثم سأل نفسه عن سبب يقينه فيما لا يعلم إلا بالمشاهدة.
وأجاب بأن قرينة الحال عند سماع الخبر أفادته اليقين ولو لم يكن في ذلك إلا خبر أبي بكر وادعاؤه لذلك والناس مجتمعون لحصل اليقين.
وقوله كأني لم أقرأ هذه الآية أو لم أسمعها تنبيه على (2) ذهوله عن الاستدلال بها لا أنه على الحقيقة لم يقرأها ولم يسمعها ولا يجب فيمن ذهب عن بعض أحكام الكتاب ألا يعرف القرآن لان ذلك لو دل لوجب ألا يحفظ القرآن إلا من يعرف جميع أحكامه ثم ذكر أن حفظ القرآن كله غير واجب ولا يقدح الاخلال به في الفضل.
وحكى عن الشيخ أبى على أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يحط علمه بجميع الاحكام ولم يمنع ذلك من فضله واستدل بما روى من قوله كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وآله حديثا نفعني الله به ما شاء أن ينفعني وإذا حدثني غيره أحلفته فان حلف لي صدقته وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر وذكر أنه لم يعرف أي موضع يدفن فيه رسول الله صلى الله عليه وآله حتى رجع إلى ما رواه أبو بكر وذكر قصة الزبير في موالي صفية وإن أمير المؤمنين عليه السلام أراد أن يأخذ ميراثهم كما أن عليه أن يحمل عقلهم حتى أخبره عمر بخلاف ذلك من أن الميراث للأب والعقل على العصبة