. ثم سأل نفسه فقال: كيف يجوز ما ذكرتم على أمير المؤمنين عليه السلام مع قوله (سلوني قبل أن تفقدوني) وقوله إن هاهنا علما جما) يومئ إلى قلبه وقوله (لو ثنيت لي الوسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم وبين أهل الزبور بزبورهم وبين أهل القرآن بقرآنهم) وقوله: (كنت إذا سئلت أجبت وإذا سكت ابتديت).
وأجاب عن ذلك بأن هذا إنما يدل على عظم المحل في العلم من غير أن يدل على الإحاطة بالجميع.
وحكى عن أبي على استبعاده ما روى من قوله (لو ثنيت الوسادة) قال: لأنه لا يجوز أن يصف نفسه بأنه يحكم بما لا يجوز ومعلوم أنه عليه السلام لا يحكم بين الجميع إلا بالقرآن ثنيت له الوسادة أو لم تثن وهذا يدل على أن الخبر موضوع.
* * * فاعترض الشريف المرتضى فقال: ليس يخلو خلاف عمر في وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله من أن يكون على سبيل الانكار لموته على كل حال والاعتقاد بأن الموت لا يجوز عليه على كل وجه أو يكون منكرا لموته في تلك الحال من حيث لم يظهر دينه على الدين كله وما أشبه ذلك مما قال صاحب الكتاب: إنها كانت شبهة في تأخر موته عن تلك الحال.
فإن كان الوجه الأول فهو مما لا يجوز خلاف العقلاء في مثله والعلم بجواز الموت على سائر البشر لا يشك فيه عاقل والعلم من دينه عليه السلام بأنه سيموت كما مات من قبله ضروري وليس يحتاج في مثل هذا إلى الآيات التي تلاها أبو بكر من قوله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون) وما أشبهها وإن كان خلافه على الوجه الثاني تأول ما فيه أن هذا الخلاف لا يليق بما احتج به أبو بكر من قوله تعالى (إنك ميت وإنهم ميتون) لأنه لم ينكر على هذا جواز الموت وإنما خالف في تقدمه وقد كان يجب أن يقول له وأي حجة في هذه الآيات على