شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٣
اعتذر قاضى القضاة عن هذا فقال: إنه ليس في الخبر إنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل لأنه ليس ممن يخفى عليه هذا القدر وهو أن الحامل لا ترجم حتى تضع وإنما ثبت عنده زناها فأمر برجمها على الظاهر وإنما قال: ما قال: في معاذ لأنه نبهه على أنها حامل.
ثم سأل (1) نفسه فقال: فإن قيل: إذا لم تكن منه معصية فكيف يهلك لولا معاذ!
وأجاب بأنه لم يرد لهلك من جهة العذاب وإنما أراد أنه كان يجرى بقوله قتل من لا يستحق القتل ويجوز أن يريد بذلك تقصيره في تعرف حالها لان ذلك لا يمتنع أن يكون بخطيئة وإن صغرت.
اعترض المرتضى على هذا الاعتذار فقال: لو كان (2) الامر على ما ظننته لم يكن تنبيه معاذ له على هذا الوجه بل كان يجب أن ينبهه بأن يقول له: هي حامل ولا يقول له:
إن كان لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها لان هذا قول من عنده أنه أمر برجمها مع العلم بحملها وأقل ما يجب لو كان الامر كما ظنه صاحب الكتاب أن يقول لمعاذ ما ذهب على أن الحامل لا ترجم وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها فكان ينفى بهذا القول عن نفسه الشبهة! وفى إمساكه عنه مع شدة الحاجة إليه دليل على صحة قولنا وقد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم فإذا علم انتفاءه وارتفاعه أمر بالرجم وصاحب الكتاب قد أعترف بأن ترك المسألة عن ذلك تقصير وخطيئة وادعى أنها صغيرة ومن أين له ذلك ولا دليل يدل عنده في غير الأنبياء عليه السلام إن معصية بعينها صغيرة.
فأما إقراره بالهلاك لولا تنبيه معاذ فإنه يقتضى التعظيم والتفخيم لشأن الفعل ولا يليق ذلك إلا بالتقصير الواقع أما في الامر برجمها مع العلم بأنها حامل أو ترك البحث عن ذلك

(1) الشافي: (قال: (فإن قيل).
(2) الشافي: (يقال له: ما تأولت به في الخبر من التأويل البعيد، لان لو كان الامر على ما ظنه...).
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281