اعتذر قاضى القضاة عن هذا فقال: إنه ليس في الخبر إنه أمر برجمها مع علمه بأنها حامل لأنه ليس ممن يخفى عليه هذا القدر وهو أن الحامل لا ترجم حتى تضع وإنما ثبت عنده زناها فأمر برجمها على الظاهر وإنما قال: ما قال: في معاذ لأنه نبهه على أنها حامل.
ثم سأل (1) نفسه فقال: فإن قيل: إذا لم تكن منه معصية فكيف يهلك لولا معاذ!
وأجاب بأنه لم يرد لهلك من جهة العذاب وإنما أراد أنه كان يجرى بقوله قتل من لا يستحق القتل ويجوز أن يريد بذلك تقصيره في تعرف حالها لان ذلك لا يمتنع أن يكون بخطيئة وإن صغرت.
اعترض المرتضى على هذا الاعتذار فقال: لو كان (2) الامر على ما ظننته لم يكن تنبيه معاذ له على هذا الوجه بل كان يجب أن ينبهه بأن يقول له: هي حامل ولا يقول له:
إن كان لك سبيل عليها فلا سبيل لك على ما في بطنها لان هذا قول من عنده أنه أمر برجمها مع العلم بحملها وأقل ما يجب لو كان الامر كما ظنه صاحب الكتاب أن يقول لمعاذ ما ذهب على أن الحامل لا ترجم وإنما أمرت برجمها لفقد علمي بحملها فكان ينفى بهذا القول عن نفسه الشبهة! وفى إمساكه عنه مع شدة الحاجة إليه دليل على صحة قولنا وقد كان يجب أيضا أن يسأل عن الحمل لأنه أحد الموانع من الرجم فإذا علم انتفاءه وارتفاعه أمر بالرجم وصاحب الكتاب قد أعترف بأن ترك المسألة عن ذلك تقصير وخطيئة وادعى أنها صغيرة ومن أين له ذلك ولا دليل يدل عنده في غير الأنبياء عليه السلام إن معصية بعينها صغيرة.
فأما إقراره بالهلاك لولا تنبيه معاذ فإنه يقتضى التعظيم والتفخيم لشأن الفعل ولا يليق ذلك إلا بالتقصير الواقع أما في الامر برجمها مع العلم بأنها حامل أو ترك البحث عن ذلك