شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١١٠
أيها الناس، ان [بعض] (1) الطمع فقر، وان بعض اليأس غنى، وإنكم تجمعون ما لا تأكلون وتؤملون ما لا تدركون، وأنتم مؤجلون في دار غرور، وقد كنتم على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله تؤخذون بالوحي، ومن أسر شيئا اخذ بسريرته، ومن أعلن شيئا اخذ بعلانيته، فأظهروا لنا حسن أخلاقكم، والله أعلم بالسرائر، فإنه من أظهر لنا قبيحا وزعم أن سريرته حسنة لم نصدقه، ومن أظهر لنا علانية حسنة ظننا [به حسنا] (1).
واعلموا ان بعض الشح شعبة من النفاق، فانفقوا خيرا لأنفسكم، ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون.
أيها الناس، أطيبوا مثواكم، وأصلحوا أموركم، واتقوا الله ربكم ولا تلبسوا نساءكم القباطي (2) فإنه إن لم يشف (3) فإنه يصف.
أيها الناس، انى لوددت ان أنجو كفافا لا لي ولا على انى لأرجو ان عمرت فيكم يسيرا أو كثيرا، ان اعمل فيكم بالحق إن شاء الله، والا يبقى أحد من المسلمين - وإن كان في بيته - إلا اتاه حقه ونصيبه من مال الله، وان لم يعمل إليه نفسه، ولم ينصب إليه بدنه، فأصلحوا أموالكم التي رزقكم الله، فقليل في رفق خير من كثير في عنف.
واعلموا ان القتل حتف من الحتوف يصيب البر والفاجر - والشهيد من احتسب نفسه، وإذا أراد أحدكم بعيرا فليعمد إلى الطويل العظيم فليضربه بعصاه، فان وجده حديد الفؤاد فليشتره.
* * * وخطب عمر مرة أخرى فقال:

(١) تكملة من تاريخ الطبري.
(٢) القباطي: ثياب كتان بيض رقاق كانت تعمل في مصر.
(٣) يشف: يرق حتى يحكى ما تحته.
(٣) تاريخ الطبري ٦: ٢٦
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281