شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١١٤
فاستيقظ عمر فقال: الهرمزان! قالوا: نعم، قال: لا أكلمه حتى لا يبقى عليه من حليته شئ، فرموا بالحلية وألبسوه ثوبا ضعيفا، فقال عمر: يا هرمزان كيف رأيت وبال الغدر؟ - وقد كان صالح المسلمين مرة ثم نكث - فقال: يا عمر انا وإياكم في الجاهلية كنا نغلبكم إذ لم يكن الله معكم ولا معنا، فلما كان الله معكم غلبتمونا، قال: فما عذرك في انتقاضك مرة بعد مرة؟ قال: أخاف إن قلت إن تقتلني، قال: لا باس عليك!
فأخبرني، فاستسقى ماء فاخذه وجعلت يده ترعد، قال: مالك؟ قال: أخاف ان تقتلني وانا اشرب، قال: لا باس عليك حتى تشربه، فألقاه من يده، فقال: ما بالك! أعيدوا عليه الماء ولا تجمعوا عليه بين القتل والعطش، قال: كيف تقتلني وقد أمنتني؟ قال:
كذبت! قال: لم أكذب، فقال انس: صدق يا أمير المؤمنين، قال: ويحك يا انس!
انا أؤمن قاتل مجزاة بن ثور والبراء بن مالك! والله لتأتيني بالمخرج أو لأعاقبنك! قال:
انك قلت: (لا باس عليك حتى تخبرني ولا باس عليك حتى تشرب) وقال له ناس من المسلمين مثل قول انس، فاقبل على الهرمزان، فقال: تخدعني! والله لا تخدعني الا ان تسلم، فأسلم، ففرض له ألفين، وأنزله المدينة.
* * * بعث عمر عمير بن سعيد الأنصاري عاملا على حمص، فمكث حولا لا يأتيه خبره، ثم كتب إليه بعد حول: إذا أتاك كتابي هذا فأقبل واحمل ما جبيت من مال المسلمين، فاخذ عمير جرابه، وجعل فيه زاده وقصعته، وعلق أداته، وأخذ عنزته (1) وأقبل ماشيا من حمص حتى دخل المدينة وقد شحب لونه، واغبر وجهه، وطال شعره. فدخل على عمر فسلم، فقال عمر: ما شأنك يا عمير؟ قال: ما ترى من شأني، ألست تراني صحيح البدن، ظاهر الدم، معي الدنيا اجرها بقرنيها؟ قال: وما معك - فظن عمر أنه قد جاء

العنزة: عصا مثل الحربة
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281