شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١١٥
بمال، قال: معي جرابي اجعل فيه زادي، وقصعتي آكل فيها واغسل منها رأسي وثيابي، وأداتي أحمل فيها وضوئي وشرابي، وعنزتي أتوكأ عليها وأجاهد بها عدوا ان عرض لي.
قال عمر: أفجئت ماشيا؟ قال: نعم، لم يكن لي دابة: قال: أفما كان في رعيتك أحد يتبرع لك بدابة تركبها؟ قال: ما فعلوا، ولا سألتهم ذلك، قال عمر: بئس المسلمون خرجت من عندهم! قال عمير: اتق الله يا عمر، ولا تقل الا خيرا، قد نهاك الله عن الغيبة وقد رأيتهم يصلون! قال عمر: فماذا صنعت في أمارتك؟ قال: وما سؤالك؟ قال: سبحان الله! قال:
أما إني لولا أخشى ان اعمل ما أخبرتك. أتيت البلد، فجمعت صلحاء أهله فوليتهم جبايته ووضعه في مواضعه ولو أصابك منه شئ لأتاك، قال: أفما جئت بشئ؟ قال: لا، فقال:
جددوا لعمير عهدا، قال: ان ذلك لشئ لا أعمله بعد لك، ولا لأحد بعدك، والله ما كدت أسلم - بل لم أسلم، قلت لنصراني معاهد: أخزاك الله، فهذا ما عرضتني له يا عمر! ان أشقى أيامي ليوم صحبتك! ثم استأذنه في الانصراف، فأذن له، ومنزله بقباء بعيدا عن المدينة، فأمهله عمر أياما ثم بعث رجلا يقال له الحارث، فقال: انطلق إلى عمير بن سعد وهذه مائة دينار، فإن وجدت عليه أثرا فاقبل على بها، وان رأيت حالا شديدة فادفع إليه هذه المائة، فانطلق الحارث فوجد عميرا جالسا يفلي قميصا له إلى جانب حائط، فسلم عليه، فقال عمير:
انزل رحمك الله! فنزل فقال: من أين جئت؟ قال: من المدينة، قال: كيف تركت أمير المؤمنين؟
قال: صالحا، قال: كيف تركت المسلمين؟ قال: صالحين، قال: أليس عمر يقيم الحدود؟
قال: بلى، ضرب ابنا له على فاحشة فمات من ضربه، فقال عمير: اللهم أعن عمر، فإني لا أعلمه إلا شديدا حبه لك! قال: فنزل به ثلاثة أيام، وليس لهم الا قرص من شعير كانوا يخصونه كل يوم به ويطوون، حتى نالهم الجهد، فقال له عمير: إنك قد أجعتنا، فإن رأيت أن تتحول عنا فافعل، فأخرج الحارث الدنانير فدفعها إليه، وقال: بعث بها أمير المؤمنين فاستغن بها، فصاح وقال: ردها، لا حاجة لي فيها، فقالت المرأة: خذها
(١١٥)
مفاتيح البحث: عمير بن سعد (1)، الضرب (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281