شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ١٠٩
وبالسير فيكم كيف أسير! فربي المستعان، فان عمر لم يصبح يثق بقوة ولا حيلة، ان لم يتداركه الله برحمته وعونه. (1) أيها الناس ان الله قد ولاني امركم، وقد علمت أنفع مالكم وأسأل الله ان يعينني عليه وان يحرسني عنده، كما حرسني عند غيره، وان يلهمني العدل في قسمكم كالذي أمر به، فإني امرؤ مسلم وعبد ضعيف الا ما أعان الله، ولن يغير الذي وليت من خلافتكم من خلقي شيئا إن شاء الله. إنما العظمة لله، وليس للعباد منها شئ فلا يقولن أحدكم ان عمر تغير منذ ولى، وإني أعقل الحق من نفسي، وأتقدم وأبين لكم أمري، فأيما رجل كانت له حاجة أو ظلم مظلمة أو عتب علينا في خلق، فليؤذني، فإنما انا رجل منكم، فعليكم بتقوى الله في سركم وعلانيتكم وحرماتكم وأعراضكم وأعطوا الحق من أنفسكم، ولا يحمل بعضكم بعضا على الا تتحاكموا إلى، فإنه ليس بيني وبين أحد هوادة وانا حبيب إلى صلاحكم، عزيز على عنتكم، وأنتم أناس عامتكم حضر في بلاد الله وأهل بلد لا زرع فيه ولا ضرع الا ما جاء الله به إليه، وان الله عز وجل قد وعدكم كرامة كبيرة، وانا مسؤول عن أمانتي وما أنا فيه ومطلع على ما يحضرني بنفسي إن شاء الله لا اكله إلى أحد، ولا أستطيع ما بعد منه الا بالامناء وأهل النصح منكم للعامة، ولست أحمل أمانتي إلى أحد سواهم إن شاء الله. (2) * * * وخطب عمر مرة أخرى، فقال بعد حمد الله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله:

(١) الطبري ٥: ٢٥، وهي آخر الخطبة هنا: وما يليها خطبة أخرى.
(٢) تاريخ الطبري ٥: ٢٥، 26
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281