فأصبح فجمع المهاجرين والأنصار وفيهم علي بن أبي طالب وقال للناس: ما ترون في فضل فضل عندنا من هذا المال؟ فقال الناس: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا عن أهلك وتجارتك وصنعتك فهو لك فالتفت إلى علي فقال: ما تقول أنت قال:
قد أشاروا عليك قال: فقل أنت فقال: له لم تجعل يقينك ظنا؟ فلم يفهم عمر قوله فقال: لتخرجن مما قلت قال: أجل والله لأخرجن منه أتذكر حين بعثك رسول الله صلى الله عليه وآله (1) ساعيا فأتيت العباس بن عبد المطلب فمنعك صدقته فكان بينكما شئ فجئتما إلى وقلتما انطلق معنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فجئنا إليه فوجدناه خاثرا (2) فرجعنا، ثم غدونا عليه فوجدناه طيب النفس فأخبرته بالذي صنع العباس فقال: لك يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه! فذكرنا له ما رأينا من خثوره في اليوم الأول وطيب نفسه في اليوم الثاني فقال: إنكم أتيتم في اليوم الأول وقد بقي عندي من مال الصدقة ديناران فكان ما رأيتم من خثوري لذلك وأتيتم في اليوم الثاني وقد وجهتهما، فذاك الذي رأيتم من طيب نفسي أشير عليك ألا تأخذ من هذا الفضل شيئا، وأن تفضه على فقراء المسلمين، فقال: صدقت والله لأشكرن لك والأولى والأخيرة.
* * * وروى أبو سعيد الخدري قال: حججنا مع عمر أول حجة حجها في خلافته، فلما دخل المسجد الحرام، دنا من الحجر الأسود فقبله واستلمه، وقال: إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله قبلك واستلمك لما قبلتك ولا استلمتك، فقال له: على بلى يا أمير المؤمنين إنه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أن الذي أقول لك كما أقول قال: الله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست