وقد روى: أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأى المصابيح في المسجد، فقال:
ما هذا؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع، فقال: بدعة فنعمت البدعة! فاعترف كما ترى بأنها بدعة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وآله أن كل بدعة ضلالة.
وقد روى أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلى بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا وا عمراه!
قال: فأما ادعاؤه أن قيام شهر رمضان كان في أيام الرسول صلى الله عليه وآله ثم تركه فمغالطة منه لأنا لا ننكر قيام شهر رمضان بالنوافل على سبيل الانفراد وإنما أنكرنا الاجتماع على ذلك، فان ادعى أن الرسول صلى الله عليه وآله صلاها جماعة في أيامه فإنها مكابرة ما أقدم عليها أحد ولو كان كذلك ما قال عمر: إنها بدعة وإن أراد غير ذلك فهو مما لا ينفعه لان الذي أنكرناه غيره.
قال: والذي ذكره من أن فيه التشدد في حفظ القرآن والمحافظة على الصلاة ليس بشئ لان الله تعالى ورسوله بذلك أعلم ولو كان كما قاله لكانا يسنان هذه الصلاة ويأمران بها وليس لنا أن نبدع في الدين بما نظن أن فيه مصلحة لأنه لا خلاف في أن ذلك لا يسوغ ولا يحل.
وأما أمر الخراج فهو خلاف لنص القرآن لان الله تعالى جعل الغنيمة في وجوه مخصوصة فمن خالفها فقد أبدع وليس للامام ولا لغيره أن يجتهد فيخالف النص فبطل قوله: إنه رأى من الاحتياط للاسلام أن يقر في أيديهم على الخراج لان خلاف النص