شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٣
وقد روى: أن عمر خرج في شهر رمضان ليلا فرأى المصابيح في المسجد، فقال:
ما هذا؟ فقيل له: إن الناس قد اجتمعوا لصلاة التطوع، فقال: بدعة فنعمت البدعة! فاعترف كما ترى بأنها بدعة، وقد شهد الرسول صلى الله عليه وآله أن كل بدعة ضلالة.
وقد روى أن أمير المؤمنين عليه السلام لما اجتمعوا إليه بالكوفة فسألوه أن ينصب لهم إماما يصلى بهم نافلة شهر رمضان، زجرهم وعرفهم أن ذلك خلاف السنة فتركوه واجتمعوا لأنفسهم وقدموا بعضهم فبعث إليهم ابنه الحسن عليه السلام فدخل عليهم المسجد ومعه الدرة فلما رأوه تبادروا الأبواب وصاحوا وا عمراه!
قال: فأما ادعاؤه أن قيام شهر رمضان كان في أيام الرسول صلى الله عليه وآله ثم تركه فمغالطة منه لأنا لا ننكر قيام شهر رمضان بالنوافل على سبيل الانفراد وإنما أنكرنا الاجتماع على ذلك، فان ادعى أن الرسول صلى الله عليه وآله صلاها جماعة في أيامه فإنها مكابرة ما أقدم عليها أحد ولو كان كذلك ما قال عمر: إنها بدعة وإن أراد غير ذلك فهو مما لا ينفعه لان الذي أنكرناه غيره.
قال: والذي ذكره من أن فيه التشدد في حفظ القرآن والمحافظة على الصلاة ليس بشئ لان الله تعالى ورسوله بذلك أعلم ولو كان كما قاله لكانا يسنان هذه الصلاة ويأمران بها وليس لنا أن نبدع في الدين بما نظن أن فيه مصلحة لأنه لا خلاف في أن ذلك لا يسوغ ولا يحل.
وأما أمر الخراج فهو خلاف لنص القرآن لان الله تعالى جعل الغنيمة في وجوه مخصوصة فمن خالفها فقد أبدع وليس للامام ولا لغيره أن يجتهد فيخالف النص فبطل قوله: إنه رأى من الاحتياط للاسلام أن يقر في أيديهم على الخراج لان خلاف النص
(٢٨٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281