فأما عذره الثاني عن دخوله في الشورى بقوله: لو لم يدخل فيها لقيل له: إنك قد طعنت على واضع الشورى وليس ذلك إلا لأنك ترى الامر لك فليس بعذر جيد لأنه لو امتنع من الدخول فيها على وجه الزهد وقلد الالتفات إلى الولاية والاعراض عن السلطان والإمرة لما نسبه أحد إلى ما ذكره المرتضى أصلا ولقال الناس رجل زاهد لا يريد الدنيا ولا يرغب في الرياسة ثم ما المانع من أن يقول لعمر وهو حي نشدتك الله لا تدخلني فيها فإني لا أريدها ولا أوثرها! أتراه كان في جواب هذا الكلام يأمر بقتله، ويقول له: إنما امتناعك لأنك تدعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص عليك، فلا ترى أخذ الامر من جهتي وتوليه من طريقي وإنما تريده بمحض النص الأول لا غير! ما أظن أن عاقلا يخطر له أن ذلك كان يكون فهذا العذر بارد لا معنى له كالعذر الأول.
فأما عذره الثالث، وهو قوله: إنه كان يجب عليه أن يتوصل إلى القيام بالامر بكل طريق لأنه يلزمه القيام به فعذر جيد لا بأس به.
وأما ثانيا فيقال للمرتضى: هب أنا نزلنا عن الدخول في الشورى هلا عرض للجماعة وهم مجتمعون، وهو يعد لهم مناقبه وفضائله بذكر النص وذلك بأن يكنى عنه كناية لطيفة فيقول لهم: قد كان من رسول الله صلى الله عليه وآله بالأمس في حقي ما تعلمون!
أتراهم كانوا في جواب هذه الكلمة يقتلونه! ما أظن أنهم كانوا يجتمعون على ذلك ولا بد لو عرض بشئ من ذلك كان من كلام يدور بينهم في المعنى نحو أن يقولوا:
إن ذلك النص رجع عنه رسول الله صلى الله عليه وآله أو يقولوا: رأى المسلمون تركه للمصلحة، أو يجرى بينه وبينهم جدال ونزاع ولم يكن هناك خليفة يخاف جانبه وإنما كان مجلس مناظرة وبحث ولم يستقر الامر لأحد.
وقول المرتضى: إنه وإن كان كذلك، إلا انهم كانوا لا يرضون أن يطعن في المتقدمين