شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٧٢
فأما عذره الثاني عن دخوله في الشورى بقوله: لو لم يدخل فيها لقيل له: إنك قد طعنت على واضع الشورى وليس ذلك إلا لأنك ترى الامر لك فليس بعذر جيد لأنه لو امتنع من الدخول فيها على وجه الزهد وقلد الالتفات إلى الولاية والاعراض عن السلطان والإمرة لما نسبه أحد إلى ما ذكره المرتضى أصلا ولقال الناس رجل زاهد لا يريد الدنيا ولا يرغب في الرياسة ثم ما المانع من أن يقول لعمر وهو حي نشدتك الله لا تدخلني فيها فإني لا أريدها ولا أوثرها! أتراه كان في جواب هذا الكلام يأمر بقتله، ويقول له: إنما امتناعك لأنك تدعى أن رسول الله صلى الله عليه وآله نص عليك، فلا ترى أخذ الامر من جهتي وتوليه من طريقي وإنما تريده بمحض النص الأول لا غير! ما أظن أن عاقلا يخطر له أن ذلك كان يكون فهذا العذر بارد لا معنى له كالعذر الأول.
فأما عذره الثالث، وهو قوله: إنه كان يجب عليه أن يتوصل إلى القيام بالامر بكل طريق لأنه يلزمه القيام به فعذر جيد لا بأس به.
وأما ثانيا فيقال للمرتضى: هب أنا نزلنا عن الدخول في الشورى هلا عرض للجماعة وهم مجتمعون، وهو يعد لهم مناقبه وفضائله بذكر النص وذلك بأن يكنى عنه كناية لطيفة فيقول لهم: قد كان من رسول الله صلى الله عليه وآله بالأمس في حقي ما تعلمون!
أتراهم كانوا في جواب هذه الكلمة يقتلونه! ما أظن أنهم كانوا يجتمعون على ذلك ولا بد لو عرض بشئ من ذلك كان من كلام يدور بينهم في المعنى نحو أن يقولوا:
إن ذلك النص رجع عنه رسول الله صلى الله عليه وآله أو يقولوا: رأى المسلمون تركه للمصلحة، أو يجرى بينه وبينهم جدال ونزاع ولم يكن هناك خليفة يخاف جانبه وإنما كان مجلس مناظرة وبحث ولم يستقر الامر لأحد.
وقول المرتضى: إنه وإن كان كذلك، إلا انهم كانوا لا يرضون أن يطعن في المتقدمين
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281