قال قدامة رحمه الله: فأما ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله من تصييره خيبر غنيمة فإنه عليه السلام اتبع فيه آية محكمة وهي قوله تعالى ﴿واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ (1) فهذه آية الغنيمة وهي لأهلها دون الناس وبها عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وأما الآية التي عمل بها عمر وذهب إليها علي عليه والسلام ومعاذ بن جبل فيما أشارا عليه به فهي قوله تعالى (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) إلى قوله (للفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم) (والذين جاءوا من بعدهم) (2) انتهت ألفاظ قدامة.
وروى محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن عمر هم أن يقسم أرض السواد بين الغانمين كما يقسم الغنائم ثم قال: فكيف بالآجام ومناقع المياه والغياض والهضب المرتفع والغائط المنخفض؟ وكيف يصنع هؤلاء بالماء وقسمته بينهم؟ أخاف أن يضرب بعضهم وجوه بعض! ثم جمع الغانمين فقال لهم: ذلك فرضوا أن تقر الأرض حبيسا لهم يولونها من تراضوا عليه ثم يقتسمون غلتها كل عام فقال عمر: اللهم إني قد اجتهدت وقد قضيت ما على، اللهم إني أشهدك عليهم فاشهد.
فأما قول قاضى القضاة: إن النبي صلى الله عليه وآله جعل لمتولي أمر الأمة ضربا من الاختيار في الغنيمة وما ذكره من الفرق بين الرجال والأموال وما ذكره من أن الغانمين ليسوا مالكي الغنيمة ملكا صريحا، وإنما هو ضرب من الاختصاص فكله جيد لا كلام عليه ولم يعترضه المرتضى بشئ ولا تعرض له.
وأما قول قاضى القضاة: إنه روى أن عمر فعل ما فعل برضا الغانمين وبأن عوضهم