شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٨٨
قال قدامة رحمه الله: فأما ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله من تصييره خيبر غنيمة فإنه عليه السلام اتبع فيه آية محكمة وهي قوله تعالى ﴿واعلموا أن ما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل﴾ (1) فهذه آية الغنيمة وهي لأهلها دون الناس وبها عمل رسول الله صلى الله عليه وآله وأما الآية التي عمل بها عمر وذهب إليها علي عليه والسلام ومعاذ بن جبل فيما أشارا عليه به فهي قوله تعالى (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) إلى قوله (للفقراء المهاجرين والذين تبوءوا الدار والايمان من قبلهم) (والذين جاءوا من بعدهم) (2) انتهت ألفاظ قدامة.
وروى محمد بن جرير الطبري في تاريخه أن عمر هم أن يقسم أرض السواد بين الغانمين كما يقسم الغنائم ثم قال: فكيف بالآجام ومناقع المياه والغياض والهضب المرتفع والغائط المنخفض؟ وكيف يصنع هؤلاء بالماء وقسمته بينهم؟ أخاف أن يضرب بعضهم وجوه بعض! ثم جمع الغانمين فقال لهم: ذلك فرضوا أن تقر الأرض حبيسا لهم يولونها من تراضوا عليه ثم يقتسمون غلتها كل عام فقال عمر: اللهم إني قد اجتهدت وقد قضيت ما على، اللهم إني أشهدك عليهم فاشهد.
فأما قول قاضى القضاة: إن النبي صلى الله عليه وآله جعل لمتولي أمر الأمة ضربا من الاختيار في الغنيمة وما ذكره من الفرق بين الرجال والأموال وما ذكره من أن الغانمين ليسوا مالكي الغنيمة ملكا صريحا، وإنما هو ضرب من الاختصاص فكله جيد لا كلام عليه ولم يعترضه المرتضى بشئ ولا تعرض له.
وأما قول قاضى القضاة: إنه روى أن عمر فعل ما فعل برضا الغانمين وبأن عوضهم

(١) سورة الأنفال ٤١ (2) سورة الحشر 7 - 10.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281