السلام على قدم عظيمه من الوقار والجد والسمت العظيم والهدى الرصين ولكنه كان طلق الوجه سمح الأخلاق وعمر كان يريد مثله من ذوي الفظاظة والخشونة لان كل واحد يستحسن طبع نفسه ولا يستحسن طبع من يباينه في الخلق والطبع وانا أعجب من لفظه عمر أن كان قالها أن فيه بطالة وحاش لله أن يوصف علي عليه السلام! بذلك وإنما يوصف به أهل الدعابة واللهو، وما أظن عمر - إن شاء الله - قالها وأظنها زيدت في كلامه، وإن الكلمة هاهنا لدالة على انحراف شديد.
فأما قول أمير المؤمنين عليه السلام للعباس ولغيره: ذهب الامر منا، أن عبد الرحمن لا يخالف ابن عمه، فليس معناه أن عمر قصد ذلك وإنما معناه أن من سوء الاتفاق أن وقع الامر هكذا ويوشك ألا يصل إلينا حيث قد اتفق فيه هذه النكتة.
فأما قول قاضى القضاة: إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي حسن الظن وجب أن يحمل فعله على ما يطابقها واعتراض المرتضى عليه بقوله: إن ذلك إنما يجب إذا كان الخير معلوما منه فيما تقدم لا مظنونا ومتى كان مظنونا ثم وجدنا له فعلا يظن به القبيح لم يكن لنا أن نقضي بالسابق على اللاحق فنقول في جوابه: إن الانسان إذا كان مشهورا بالصلاح والخير وتكرر منه فعل ذلك مدة طويلة ثم رأيناه قد وقعت منه حركه تنافى ذلك فيما بعد فإنه يجب علينا أن نحملها على ما يطابق أحواله الأولى ما وجدنا لها محملا لان أحواله الأولى كثيرة وهذه حالة مفردة شاذة وإلحاق القليل بالكثير وحمله عليه أولى من نقض الكثير بالقليل وقد كانت أحوال عمر مدة عشرين سنة منتظمة في إصلاح الرعية ومناصحة الدين وهذا معلوم منه ضرورة - أعني ظاهر أحواله - فإذا وقعت عنه حالة واحدة وهي