شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٧٨
وليس هذا بمخصوص بعبد الرحمن بل قريش قاطبة كانت منحرفة عنه.
واما الذي هو غير صحيح فقوله انه اخرج نفسه منها لذلك فان هذا عندي غير صحيح لأنه قد كان يمكنه الا يخرج نفسه منها ويبلغ غرضه بان يتجاوز هو وابن عمه إلى عثمان ويدع عليا وطلحة والزبير طائفة أخرى فيولي المسلمون الامر الطائفة التي فيها عبد الرحمن بمقتضى نص عمر على ذلك ثم يعتمد عبد الرحمن بعد ذلك ما يشاء ان شاء وليها هو أو أحد الرجلين فأي حاجه كانت به إلى أن يخرج نفسه منها ليبلغ غرضا قد كان يمكنه الوصول إليه بدون ذلك.
وأيضا فإن كان غرضه ذلك فإنه من رجال الدنيا قد كان لا محاله ولم يكن من رجال الآخرة ومن هو من رجال الدنيا ومحبيها كيف تسمح نفسه بترك الخلافة ليعطيها غيره وهلا واطأ سعدا ابن عمه وطلحة صديقه على أن يولياه الخلافة وقد قال عمر:
كونوا مع الثلاثة الذين فيهم عبد الرحمن لا سيما وطلحة منحرف عن علي عليه السلام وعثمان لأنهما ابنا عبد مناف وكذلك سعد وعبد الرحمن منحرفان عنهما لذلك أيضا ولما اختصا به من صهر رسول الله صلى الله عليه وآله والصحيح ان عبد الرحمن اخرج نفسه منها لأنه استضعف نفسه عن تحمل أثقالها وكلفها وكره ان يدخل فيها فيقصر عن عمر ويراه الناس بعين النقص ولا يستطيع ان يقوم بما كان عمر يقوم به وكان عبد الرحمن غنيا موسرا كثير المال وشيخا قد ذهب عنه ترف الشباب فنفض عنها يده استغناء عنها وكراهية لخلل يدخل عليه ان وليها.
واما ميله عن علي عليه السلام فقد كان منه بعض ذلك والطباع لا تملك والحسد مستقر في نفوس البشر لا سيما إذا انضاف إليه ما يقتضى الازدياد في الأمور.
فاما تنزيه المرتضى لعلى عليه السلام عن الفكاهة والدعابة فحق ولقد كان عليه
(٢٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281