شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٦٩
الخروج مما يتفق أكثرهم عليه، ويرضى جمهورهم به، ولا يقرون أحدا عليه، بل يعدونه شذوذا عن الجماعة، وخلافا على الأمة.
فأما قوله: إن الافعال لا يقدح فيها بالظنون، بل يجب أن تحمل على ظاهر الصحة، وإن الفاعل إذا تقدمت له حالة تقتضي حسن الظن به، يجب أن تحمل أفعاله على ما يطابقها، فإنا متى سلمنا له بهذه المقدمة لم يتم قصده فيها، لان الفعل إذا كان له ظاهر وجب أن يحمل على ظاهره إلا بدليل يعدل بنا عن ظاهره، كما يجب مثله في الألفاظ وقد بينا أن ظاهر الشورى وما جرى فيها: يقتضى ما ذكرناه للأمارات اللائحة، والوجوه الظاهرة، فما عدلنا عن ظاهر إلى محتمل بل المخالف هو الذي يسومنا أن نعدل عن الظاهر، فأما الفاعل وما تقدم له من الأحوال، فمتى تقدم للفاعل حالة تقتضي أن يظن به الخير من غير علم ولا يقين، فلا بد أن يؤثر فيها، ويقدح أن يرى له حالة أخرى تقتضي ظن القبيح به، لدلالة ظاهرها على ذلك. وليس لنا أن نقضي بالأولى على الثانية، وهما جميعا مظنونتان لان ذلك بمنزلة أن يقول قائل: اقضوا بالثانية على الأولى، وليس كذلك إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي بالخير منه، ثم تليها حالة تقتضي ظن القبيح به، لأنا حينئذ نقتضي بالعلم على الظن، ونبطل حكمة لمكان العلم، وإذا صحت هذه الجملة فما تقدمت لمن ذكر حالة تقتضي العلم بالخير، وإنما تقدم ما يقتضى حسن الظن، فليس لنا ألا نسئ الظن به عند ظهور أمارات سوء الظن، لان كل ذلك مظنون غير معلوم.
وقوله: لو أراد ذلك ما منعه من أن ينص على عثمان مانع، كما لم يمنع ذلك أبا بكر من النص عليه، فليس بشئ، لأنه قد فعل ما يقوم مقام النص على من أراد إيصاله إليه، وصرفه عمن أراد أن يصرفه عنه، من غير شناعة التصريح، وحتى لا يقال فيه ما قيل في أبى بكر، ويراجع في قصته كما روجع أبو بكر، ولم يتعسف أبعد الطريقين وغرضه يتم من أقربهما!.
(٢٦٩)
مفاتيح البحث: الظنّ (8)، المنع (1)، الجماعة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281