بالرضا بمن يختاره، ولا يجب القدح في الافعال بالظنون، بل يجب حملها على ظاهر الصحة دون الاحتمال، كما يجب مثله في غيرها، ويجب إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي حسن الظن به، أن يحمل فعله على ما يطابقها، وقد علمنا أن حال عمر ما كان عليه من النصيحة للمسلمين، منع من صرف امره في الشورى إلى الأغراض التي يظنها أعداؤه، فلا يصح لهم ان يقولوا: كان مراده في الشورى بأن يجعل الامر إلى الفرقة التي فيها عبد الرحمن عند الخلاف ان يتم الامر لعثمان، لأنه لو كان هذا مراده لم يكن هناك ما يمنعه من النص على عثمان، كما لم يمنع ذلك أبا بكر، لان امره ان لم يكن أقوى من أمر أبى بكر لم ينقص عنه، وليس ذلك بدعة، لأنه إذا جاز في غير الامام إذا اختار ان يفعل ذلك، بان ينظر في أماثل القوم فيعلم انهم عشرة، ثم ينظر في العشرة، فيعلم ان أمثلهم خمسة، ثم ينظر في واحد من الخمسة، فما الذي يمنع من مثله في الامام، وهو في هذا الباب أقوى اختيارا، لان له ان يختار واحدا بعينه!
ثم ذكر انه إنما حصره في الجماعة الذين انتهى إليهم الفضل، وجعله شورى بينهم، ثم بين ان الانتقال من الستة إلى الأربعة، ومن الأربعة إلى الثلاثة، لا يكون متناقضا، لان الأقوال مختلفة، وليست واحدة، ولو كانت أيضا واحدة لكان كالرجوع وللامام ان يرجع في مثل ذلك، لأنه في حكم الوصية.
قال: وقولهم: انه كان يعلم أن عثمان وعليا لا يجتمعان، وان عبد الرحمن يميل إلى عثمان، قلة دين، لأن الأمور المستقبلة، لا تعلم وإنما يحصل فيها أمارة. قال: والأمارات توجب انه لم يكن فيهم حرص شديد على الإمامة بل الغالب من حالهم طلب الاتفاق والائتلاف والاسترواح إلى قيام الغير بذلك. وإنما جعل عمر الامر إلى عبد الرحمن عند الاختلاف، لعلمه بزهده في الامر وأنه لأجل ذلك أقرب ان يتثبت، لان الراغب