شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٧
بالرضا بمن يختاره، ولا يجب القدح في الافعال بالظنون، بل يجب حملها على ظاهر الصحة دون الاحتمال، كما يجب مثله في غيرها، ويجب إذا تقدمت للفاعل حالة تقتضي حسن الظن به، أن يحمل فعله على ما يطابقها، وقد علمنا أن حال عمر ما كان عليه من النصيحة للمسلمين، منع من صرف امره في الشورى إلى الأغراض التي يظنها أعداؤه، فلا يصح لهم ان يقولوا: كان مراده في الشورى بأن يجعل الامر إلى الفرقة التي فيها عبد الرحمن عند الخلاف ان يتم الامر لعثمان، لأنه لو كان هذا مراده لم يكن هناك ما يمنعه من النص على عثمان، كما لم يمنع ذلك أبا بكر، لان امره ان لم يكن أقوى من أمر أبى بكر لم ينقص عنه، وليس ذلك بدعة، لأنه إذا جاز في غير الامام إذا اختار ان يفعل ذلك، بان ينظر في أماثل القوم فيعلم انهم عشرة، ثم ينظر في العشرة، فيعلم ان أمثلهم خمسة، ثم ينظر في واحد من الخمسة، فما الذي يمنع من مثله في الامام، وهو في هذا الباب أقوى اختيارا، لان له ان يختار واحدا بعينه!
ثم ذكر انه إنما حصره في الجماعة الذين انتهى إليهم الفضل، وجعله شورى بينهم، ثم بين ان الانتقال من الستة إلى الأربعة، ومن الأربعة إلى الثلاثة، لا يكون متناقضا، لان الأقوال مختلفة، وليست واحدة، ولو كانت أيضا واحدة لكان كالرجوع وللامام ان يرجع في مثل ذلك، لأنه في حكم الوصية.
قال: وقولهم: انه كان يعلم أن عثمان وعليا لا يجتمعان، وان عبد الرحمن يميل إلى عثمان، قلة دين، لأن الأمور المستقبلة، لا تعلم وإنما يحصل فيها أمارة. قال: والأمارات توجب انه لم يكن فيهم حرص شديد على الإمامة بل الغالب من حالهم طلب الاتفاق والائتلاف والاسترواح إلى قيام الغير بذلك. وإنما جعل عمر الامر إلى عبد الرحمن عند الاختلاف، لعلمه بزهده في الامر وأنه لأجل ذلك أقرب ان يتثبت، لان الراغب
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281