قال أبو الفرج: وفي حديث أبي زيد بن عمر بن شبة، عن السرى عن عبد الكريم ابن رشيد عن أبي عثمان النهدي أنه لما شهد الشاهد الأول عند عمر تغير الثالث لذلك لون عمر ثم جاء الثاني فشهد فانكسر لذلك انكسارا شديدا ثم جاء فشهد فكان الرماد نثر على وجه عمر فلما جاء زياد جاء شاب يخطر بيديه فرفع عمر رأسه إليه وقال: ما عندك أنت يا سلح العقاب - وصاح أبو عثمان النهدي صيحة تحكى صيحة عمر - قال عبد الكريم بن رشيد: لقد كدت أن يغشى على لصيحته.
قال أبو الفرج: فكان المغيرة يحدث، قال: فقمت إلى زياد فقلت: لا مخبأ لعطر بعد عروس يا زياد، أذكرك الله وأذكرك موقف القيامة وكتابه ورسوله أن تتجاوز إلى ما لم تر! ثم صحت: يا أمير المؤمنين إن هؤلاء قد احتقروا دمى فالله الله في دمى! قال: فترنقت عينا زياد واحمر وجهه، وقال: يا أمير المؤمنين أما إن أحق ما حق القوم فليس عندي ولكني رأيت مجلسا قبيحا وسمعت نفسا حثيثا وانتهارا ورأيته متبطنها، فقال عمر:
أرأيته يدخل ويخرج كالميل في المكحلة؟ قال: لا!
قال أبو الفرج: وروى كثير من الرواة أنه، قال: رأيته رافعا برجليها ورأيت خصيتيه مترددتين بين فخذيها وسمعت حفزا شديدا وسمعت نفسا عاليا، فقال عمر: أرأيته يدخله ويخرجه كالميل في المكحلة؟ قال: لا، فقال: عمر الله أكبر! قم يا مغيرة إليهم فاضربهم فجاء المغيرة إلى أبى بكرة فضربه ثمانين وضرب الباقين.
وروى قوم أن الضارب لهم الحد لم يكن المغيرة وأعجب عمر قول زياد ودرأ الحد عن المغيرة، فقال: أبو بكرة بعد أن ضرب أشهد أن المغيرة فعل كذا وكذا! فهم عمر بضربه، فقال له: علي عليه السلام إن ضربته رجمت صاحبك! ونهاه عن ذلك.