شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٥
وهذا الضمير وهو الهاء والميم في قوله عليه السلام (وتركهم) هل يصح أن يعود الا إلى الرعايا وهل يسوغ أن يقال هذا الكلام لسوقه من عرض الناس وكل من مات قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله كان سوقه لا سلطان له فلا يصح أن يحمل هذا الكلام على إرادة أحد من الذين قتلوا أو ماتوا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وآله كعثمان بن مظعون أو مصعب بن عمير أو حمزة بن عبد المطلب أو عبيدة بن الحارث وغيرهم من الناس والتأويلات الباردة الغثة لا تعجبني على أن أبا جعفر محمد بن جرير الطبري قد صرح أو كاد يصرح بان المعنى بهذا الكلام عمر قال الطبري لما مات عمر بكته النساء فقالت إحدى نوادبه وا حزناه على عمر حزنا انتشر حتى ملا البشر (1) وقالت ابنه أبى حثمة وا عمراه أقام الأود وأبرأ العمد وأمات الفتن وأحيا السنن خرج نقى الثوب بريئا من العيب (2).
قال الطبري فروى صالح بن كيسان عن المغيرة بن شعبة (3) قال لما دفن عمر اتيت عليا عليه السلام وانا أحب أن اسمع منه في عمر شيئا فخرج ينفض رأسه ولحيته وقد اغتسل وهو ملتحف بثوب لا يشك أن الامر يصير إليه فقال رحم الله ابن الخطاب لقد صدقت ابنه أبى حثمة (ذهب بخيرها ونجا من شرها) اما والله ما قالت ولكن قولت).
وهذا كما ترى يقوى الظن أن المراد والمعنى بالكلام إنما هو عمر بن الخطاب.

(١) الطبري: (وا حري على عمر حرا انتشر فملأ البشر) وبعده وقالت أخرى (وأخرى على عمر حرا انتشر حتى شاع في البشر).
(٢) تاريخ الطبري ٤: ٢١٨ (طبعة دار المعارف).
(3) في الطبري (حدثني عمر قال حدثني على قال حدثنا ابن دأب وسعيد ابن خالد عن صالح بن كيسان عن المغيرة بن شعبة...).
(٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست