فمكثت كذلك حينا ثم قالت: إنه قد عرض لي سفر ولى بنت أتخوف عليها بعدي الضيعة وأنا أحب أن أضمها إليك حتى أرجع من سفري ثم عمدت إلى ابن لها أمرد فهيأته وزينته كما تزين المرأة وأتتني به ولا أشك أنه جارية فكان يرى منى ما ترى المرأة من المرأة فاغتفلني يوما وأنا نائمة فما شعرت به حتى علاني وخالطني فمددت يدي إلى شفره كانت عندي فقتلته ثم أمرت به فألقى حيث رأيت فاشتملت منه على هذا الصبي فلما وضعته ألقيته في موضع أبيه هذا والله خبرهما على ما أعلمتك فقال عمر: صدقت بارك الله فيك ثم! أوصاها ووعظها وخرج وكان عمر يقول لو أدركت عروة وعفراء لجمعت بينهما.
* * * ذكر عمرو بن العاص يوما عمر فترحم عليه وقال: ما رأيت أحدا أتقى منه ولا أعمل بالحق منه لا يبالي على من وقع الحق من ولد أو والد إني لفي منزلي بمصر ضحى إذ أتاني آت فقال: قدم عبد الله وعبد الرحمن ابنا عمر غازيين فقلت أين نزلا؟ قال: في موضع كذا - لأقصى مصر - وقد كان عمر كتب إلى إياك وأن يقدم عليك أحد من أهل بيتي فتجيزه أو تحبوه بأمر لا تصنعه بغيره فأفعل بك ما أنت أهله فضقت ذرعا بقدومهما ولا أستطيع أن أهدى لهما ولا أن آتيهما في منزلهما خوفا من أبيهما فوالله إني لعلى ما أنا عليه وإذا قائل يقول هذا عبد الرحمن بن عمر بالباب وأبو سروعة يستأذنان عليك فقلت: يدخلان فدخلا وهما منكسران فقالا: أقم علينا حد الله فإنا أصبنا الليلة شرابا فسكرنا فزبرتهما وطردتهما وقلت ابن أمير المؤمنين وآخر معه من أهل بدر! فقال عبد الرحمن: إن لم تفعل أخبرت أبى إذا قدمت عليه أنك لم تفعل فعلمت أنى إن لم أقم عليهما الحد غضب عمر وعزلني فنحن على ما نحن عليه