وهذا هو السر في قوله تعالى ﴿فتمنوا الموت إن كنتم صادقين﴾ (1) أي إن من كان صاحب محبة يتمنى لقاء محبوبه فمن لا يتمنى ذلك لا يكون صادق المحبة.
قيل لبعض الصوفية هل تشتاق إليه فقال إنما الشوق إلى غائب وهو حاضر لا يغيب.
وقالوا في قوله تعالى (من كان يرجو لقاء الله فان اجل الله لات) (2) انه تطيب لقلوب المشتاقين.
ويقال انه مكتوب في بعض كتب النبوات القديمة شوقناكم فلم تشتاقوا وزمرنا لكم فلم ترقصوا وخوفناكم فلم ترهبوا ونحنا لكم فلم تحزنوا وقيل إن شعيبا بكى حتى عمى فرد الله إليه بصره ثم بكى حتى عمى فرد عليه بصره ثم كذلك ثلاثا فقال الله تعالى (إن كان هذا البكاء شوقا إلى الجنة فقد أبحتها لك وإن كان خوفا من النار فقد أجرتك منها) فقال وحقك لا هذا ولا هذا ولكن شوقا إليك فقال له (لأجل ذلك أخدمتك نبيي وكليمي عشر سنين.
* * * ومنها الزهد ورفض الدنيا قال سبحانه (ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا) (3) وجاء في الخبر إن يوسف عليه السلام كان يجوع في سنى الجدب فقيل له ا تجوع وأنت على خزائن مصر فقال أخاف أن أشبع فأنسى الجياع وكذلك قال علي عليه السلام وقد قيل له ا هذا لباسك وهذا ما مأكولك وأنت أمير