(٢١٧) الأصل:
ومن كلام له عليه السلام:
قاله عند تلاوته ﴿يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله﴾ (1) إن الله سبحانه وتعالى جعل الذكر جلاء للقلوب تسمع به بعد الوقرة وتبصر به بعد العشوة وتنقاد به بعد المعاندة وما برح لله - عزت آلاؤه في البرهة بعد البرهة وفي أزمان الفترات - عباد ناجاهم في فكرهم وكلمهم في ذات عقولهم فاستصبحوا بنور يقظة في الاسماع والابصار والأفئدة يذكرون بأيام الله ويخوفون مقامة بمنزلة الأدلة في الفلوات من اخذ القصد حمدوا إليه طريقه وبشروه بالنجاة ومن اخذ يمينا وشمالا ذموا إليه الطريق وحذروه من الهلكة وكانوا كذلك مصابيح تلك الظلمات وأدلة تلك الشبهات.
وإن للذكر لأهلا أخذوه من الدنيا بدلا فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه يقطعون به أيام الحياة ويهتفون بالزواجر عن محارم الله في اسماع الغافلين ويأمرون بالقسط ويأتمرون به وينهون عن المنكر ويتناهون عنه فكأنهم قطعوا الدنيا إلى الآخرة وهم فيها فشاهدوا ما وراء ذلك فكأنما