فتعالى من قوى ما أكرمه وتواضعت من ضعيف ما أجرأك على معصيته وأنت في كنف ستره مقيم وفي سعة فضله متقلب فلم يمنعك فضله ولم يهتك عنك ستره بل لم تخل من لطفه مطرف عين في نعمه يحدثها لك أو سيئة يسترها عليك أو بلية يصرفها عنك فما ظنك به لو أطعته وأيم الله لو إن هذه الصفة كانت في متفقين في القوة متوازيين في القدرة لكنت أول حاكم على نفسك بذميم الأخلاق ومساوئ الأعمال وحقا أقول ما الدنيا غرتك ولكن بها اغتررت ولقد كاشفتك العظات وآذنتك على سواء ولهى بما تعدك من نزول البلاء بجسمك والنقض في قوتك أصدق وأوفى من أن تكذبك أو تغرك ولرب ناصح لها عندك متهم وصادق من خبرها مكذب ولئن تعرفتها في الديار الخاوية والربوع الخالية لتجدنها من حسن تذكيرك وبلاغ موعظتك بمحله الشفيق عليك والشحيح بك ولنعم دار من لم يرض بها دارا ومحل من لم يوطنها محلا وإن السعداء غدا هم الهاربون منها اليوم إذا رجفت الراجفة وحقت بجلائلها القيامة ولحق بكل منسك أهله وبكل معبود عبدته وبكل مطاع أهل طاعته فلم يجر في عدله وقسطه يومئذ خرق بصر في الهواء ولا همس قدم في الأرض الا بحقه فكم حجه يوم ذاك داحضة وعلائق عذر منقطعة فتحر من امرك ما يقوم به عذرك وتثبت به حجتك وخذ ما يبقى لك مما لا تبقى له وتيسر لسفرك وشم برق النجاة وارحل مطايا التشمير
(٢٣٩)