قرا (تتلو) بالتاء بنقطتين أي تقرأ كل نفس كتابها وضل عنهم ما كانوا يفترون بطل عنهم ما كانوا يدعونه ويكذبون فيه من القول بالشركاء وانهم شفعاء * * * [ذكر بعض الآثار والاشعار الواردة في ذم الدنيا] ومن كلام بعض البلغاء في ذم الدنيا اما بعد فان الدنيا قد عاتبت نفسها بما أبدت من تصرفها وأنبأت عن مساوئها بما أظهرت عن مصارع أهلها ودلت على عوراتها بتغير حالاتها ونطقت السنة العبر فيها بزوالها وشهد اختلاف شؤونها على فنائها ولم يبق لمرتاب فيها ريب ولا ناظر في عواقبها شك بل عرفها جل من عرفها معرفة يقين وكشفوها أوضح تكشيف ثم اختلجتهم الأهواء عن منافع العلم ودلتهم الآمال بغرور فلججت بهم في غمرات العجز فسبحوا في بحورها موقنين بالهلكة ورتعوا في عراصها عارفين بالخدعة فكان يقينهم شكا وعلمهم جهلا لا بالعلم انتفعوا ولا بما عاينوا اعتبروا قلوبهم عالمة جاهلة وأبدانهم شاهدة غائبة حتى طرقتهم المنية فأعجلتهم عن الأمنية فبغتتهم القيامة وأورثتهم الندامة وكذلك الهوى حلت مذاقته وسمت عاقبته والأمل ينسى طويلا ويأخذ وشيكا فانتفع امرؤ بعلمه وجاهد هواه أن يضله وجانب أمله أن يغره وقوى يقينه على العمل ونفى عنه الشك بقطع الامل فان الهوى والأمل إذا استضعفا اليقين صرعاه وإذا تعاونا على ذي غفلة خدعاه فصريعهما لا ينهض سالما وخديعهما لا يزال نادما والقوى من قوى عليهما والحازم من احترس منهما ألبسنا الله وإياكم جنة السلامة ووقانا وإياكم سوء العذاب.
(٢٥٩)