[فصل في الرياضة لنفسية وأقسامها] واعلم أن الرياضة والجوع هي أمر يحتاج إليه المريد الذي هو بعد في طريق السلوك إلى الله.
وينقسم طالبوا هذا الامر الجليل الشاق إلى أقسام أربعة أحدها الذين مارسوا العلوم الإلهية وأجهدوا أنفسهم في طلبها والوصول إلى كنهها بالنظر الدقيق في الزمان الطويل فهو لا يحصل لهم شوق شديد وميل عظيم إلى الجهة العالية الشريفة فيحملهم حب الكمال على الرياضة.
وثانيها الأنفس التي هي بأصل الفطرة والجوهر مائلة إلى الروحانية من غير ممارسة علم ولا در به بنظر وبحث وقد رأينا مثلهم كثيرا وشاهدنا قوما من العامة متى سنح لهم سانح مشوق مثل صوت مطرب أو انشاد بيت يقع في النفس أو سماع كلمة توافق أمرا في بواطنهم فإنه يستولي عليهم الوجد ويشتد الحنين وتغشاهم غواش لطيفة روحانية يغيبون بها عن المحسوسات والجسمانيات.
وثالثها نفوس حصل لها الأمران معا الاستعداد الأصلي والاشتغال بالعلوم النظرية الإلهية.
ورابعها النفوس التي لا استعداد لها في الأصل ولا ارتضات بالعلوم الإلهية ولكنهم (1) قوم سمعوا كمال هذه الطريقة وأن السعادة الانسانية ليست الا بالوصول إليها فمالت نحوها وحصل لها اعتقاد فيها.
فهذه أقسام المريدين والرياضة التي تليق بكل واحد من هذه الأقسام غير الرياضة اللائقة بالقسم الاخر.