ثم وصفهم بصفة أخرى فقال كل واحد منهم موصوف بالوحدة وهم مع ذلك مجتمعون بخلاف الاحياء الذين إذا انضم بعضهم إلى بعض انتفى عنه وصف الوحدة.
ثم قال (وبجانب الهجر وهم أخلاء) أي وكل منهم في جانب الهجر وهم مع ذلك أهل خله ومودة أي كانوا كذلك وهذا كله من باب الصناعة المعنوية والمجاز الرشيق.
ثم قال إنهم لا يعرفون للنهار ليلا ولا لليل نهارا وذلك لان الواحد من البشر إذا مات نهارا لم يعرف لذلك النهار ليلا ابدا وأن مات ليلا لم يعرف لذلك الليل صباحا ابدا وقال الشاعر:
* * * لا بد من يوم بلا ليلة * أو ليلة تأتى بلا يوم.
وليس المراد بقوله (أي الجديدين ظعنوا فيه كان عليهم سرمدا) انهم وهم موتى يشعرون بالوقت الذي ماتوا فيه ولا يشعرون بما يتعقبه من الأوقات بل المراد أن صورة ذلك الوقت لو بقيت عندهم لبقيت ابدا من غير أن يزيلها وقت آخر يطرأ عليها ويجوز أن يفسر على مذهب من قال ببقاء الأنفس فيقال إن النفس التي تفارق ليلا تبقى الصورة الليلية والظلمة حاصلة عندها ابدا لا تزول يطرآن نهار عليها لأنها قد فارقت الحواس فلا سبيل لها إلى أن يرتسم فيها شئ من المحسوسات بعد المفارقة وإنما حصل ما حصل من غير زيادة عليه وكذلك الأنفس التي تفارق نهارا * * * [بعض الاشعار والحكايات في وصف القبور والموتى] واعلم أن الناس قد قالوا في حال الموتى فأكثروا فمن ذلك قول الرضى أبى الحسن رحمه الله تعالى: