شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١١ - الصفحة ٢١٨
ومنها الفراسة قيل في تفسير قوله تعالى ﴿إن في ذلك لآيات للمتوسمين﴾ (١) أي للمتفرسين وقال النبي صلى الله عليه وآله (اتقوا فراسة المؤمن فإنها لا تخطى) قيل الفراسة سواطع أنوار لمعت في القلوب حتى شهدت الأشياء من حيث أشهدها الحق إياها وكل من كان أقوى ايمانا كان أشد فراسة.
وكان يقال إذا صحت الفراسة ارتقى منها صاحبها إلى المشاهدة.
* * * ومنها حسن الخلق وهو من صفات العارفين فقد اثنى الله تعالى به على نبيه فقال ﴿وانك لعلى خلق عظيم﴾ (٢) وقيل له صلى الله عليه وآله أي المؤمنين أفضل ايمانا فقال أحسنهم خلقا وبالخلق تظهر جواهر الرجال والانسان مستور بخلقه مشهور بخلقه.
وقال بعضهم حسن الخلق استصغار ما منك واستعظام ما إليك.
وقال النبي صلى الله عليه وآله (انكم لن تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم).
قيل لذي النون من أكبر الناس هما قال أسوأهم خلقا.
وكان يقال ما تخلق أحد أربعين صباحا بخلق الا صار ذلك طبيعة فيه.
قال الحسن في قوله تعالى ﴿وثيابك فطهر﴾ (3) أي وخلقك فحسن.
شتم رجل الأحنف بن قيس وجعل يتبعه ويشتمه فلما قرب الحي وقف وقال يا فتى إن كان قد بقي في قلبك شئ فقله كيلا يسمعك سفهاء الحي فيجيبوك.

(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»
الفهرست